اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
158253 مشاهدة
التكبير المطلق ليلتي العيد وصفته

ويستحب: التكبير المطلق ليلتي العيد وفي كل عشر ذي الحجة.
والمقيد عقب المكتوبات من صلاة فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق.
وصفته: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


قوله: (ويستحب التكبير المطلق ليلتي العيدين... إلخ):
ويسن التكبير المطلق في ليلتي العيدين، والتكبير المطلق هو الذي ليس محددا بوقت، قال الله تعالى في آيات الصيام: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة: 185] فأخذوا من هذا أنه يستحب ويتأكد في ليلة عيد الفطر بعد إكمال العدة أن يظهروا التكبير وأن يرفعوه علامة على انقضاء الشهر، وعلامة على أن الله وفقهم على ذلك، واعترافا بكبرياء الله تعالى.
والتكبير ليلة عيد النحر أخذوه من قوله تعالى في آيات الحج: كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ [الحج: 37] فختم هذه الآيات بالتكبير.
وأيضا يستحب التكبير المطلق في عشر ذي الحجة من حين يدخل شهر ذي الحجة إلى صلاة العيد، وأخذوه من قوله تعالى: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ [الحج: 28] ففسرت بأنها أيام العشر.
قوله: (والمقيد عقب المكتوبات من صلاة فجر يوم عرفة إلى... إلخ):
التكبير المقيد يكون عقب الصلوات المكتوبة، ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وسموه مقيدا؛ لأنه يكون عقب الصلوات، وأخذوا دليله من قوله تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة: 203] قالوا: الأيام المعدودات هي أيام التشريق، وأدخلوا فيها هذين اليومين: يوم عرفة ويوم العيد.
ونقلوا ذلك أيضا عن السلف رحمهم الله، أنهم كانوا يكبرون في هذه الأيام عقب الصلوات، والتكبير المقيد يبدأ من فجر يوم عرفة لغير الحاج، أما بالنسبة للحاج فيبدأ التكبير من ظهر يوم النحر؛ لأنه قبل ذلك كان مشغولا بالتلبية.
وصفة التكبير، أنه يكبر ثلاثا ثم يهلل: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وإن اقتصر على ثنتين فلا بأس وهو أشهر فيقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، فيجمع بين التكبير الذي هو التعظيم لله، وبين التهليل وبين التحميد، وذلك هو أفضل الذكر.