إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
137067 مشاهدة
زكاة الغنم

وفي صدقة الغنم:
في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة: شاة.
فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين ففيها: شاتان.
فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة فيها: ثلاث شياه.
فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة.
فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين شاة: فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها.
ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة.
وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية.
ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار.


ثانيا: زكاة الغنم
قوله: (وفي صدقة الغنم: في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة: شاة... إلخ):
عرفنا فيما مضى أن السوم شرط؛ لذا قال: في سائمتها.
* إذا تمت الغنم أربعين فقد تم النصاب؛ ففيها شاة، ولا تزال كذلك إلى مائة وعشرين. فمن عنده أربعون فعليه شاة، ومن عنده ثمانون فعليه شاة، ومن عنده مائة وعشرون فعليه شاة فقط.
* فإذا زادت على مائة وعشرين فعليه شاتان، أي: من كان عنده مائة وإحدى وعشرون فعليه شاتان، وهكذا إلى مائتين.
* فإذا زادت على مائتين ففيها ثلاث شياه، أي: من كان عنده مائتان وواحدة فعليه ثلاث شياه، وهكذا إلى ثلاثمائة.
* فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة، أي من عنده ثلاثمائة وتسع وتسعون ففيها ثلاث شياه.

* فإذا تمت أربعمائة ففيها أربع شياه.
* فإذا تمت خمسمائة ففيها خمس شياه.
* فإذا تمت ستمائة ففيها ست شياه، وهكذا.
قوله: (فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين... إلخ):
فإذا كانت تسعا وثلاثين شاة فليس فيها صدقة؛ لأنها لم تكمل النصاب.
قوله: (ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة):
يتضح ذلك بمثال : لو أن هناك ثلاثة أشخاص عند كل واحد أربعون شاة فقط، فجاءهم المصدق فإنه يأخذ من كل واحد شاة، فلو قالوا: نريد أن نجتمع فتصير الغنم مائة وعشرين، ولا يجب علينا فيها إلا شاة واحدة، فلا تؤخذ منا إلا شاة واحدة، فهل يجوز هذا العمل؟
الجواب: لا يجوز لأنها حيلة، فبدلا من أن يأخذ من كل واحد شاة فتكون ثلاث شياه، ففي هذه الحيلة صار مجموع ما يأخذ من الثلاثة شاة واحدة فقط من الجميع، أي: بعد الاجتماع، فإن الخليطين يكونان كالشيء الواحد.
أما قوله : (ولا يفرق بين مجتمع): مثال ذلك: لو أن شخصين لديهما سبعون من الغنم مختلطة لها راع واحد، وتأكل من مرعى واحد، ولما جاء المصدق ليأخذ الزكاة، قالوا: نريد أن نقتسم لنتفرق فيكون لكل واحد خمس وثلاثون من الغنم، فإذا جاء المصدق لن يأخذ منا شيئا، فهل يجوز مثل ذلك؟
الجواب: لا يجوز ذلك لأنه فرار من الزكاة، وتحايل على عدم دفعها.
قوله: (وما كان من خليطين... إلخ):
كيف تكون الخلطة؟
إذا اختلطا جميع الحول، يعني: لو كان هناك شخصان لهما غنم فاختلطا والراعي واحد والمرعى واحد والمبيت واحد، والمسقى واحد، وتحلب في مكان واحد، فمثل هؤلاء تكون زكاتهم واحدة، وهكذا لو كانوا ثلاثة أشخاص.
فمثلا: إذا كان هناك ثلاثة أشخاص لدى كل واحد منهم أربعون شاة، فالجميع مائة وعشرون شاة، ولكنهم مختلطون جميع السنة فليس عليهم إلا شاة واحدة.
ولكن كيف يخرجون هذه الشاة؟
الجواب: يتراجعون بينهم بالسوية، فإذا أخرجت هذه الشاة من غنم زيد مثلا فإنها تقدر ويحمل كل واحد منهم الثلث ثم يعطون زيدا الثلثين.
قوله: ( ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ):
الهرمة: هي كبيرة السن والهزيلة، وذلك لأنها قليلة الثمن، فيكون ذلك فيه ظلم وضرر على الفقراء، ولا يخرج ذات عوار، يعني: لا يخرج التي فيها عيب، والعوار هو العيب، ومنه العيوب الظاهرة، وهي العيوب التي تمنع في الأضحية، وهي
1- العوراء البين عورها.
2- والعرجاء البين ضلعها.
3- والهزيلة التي لا مخ فيها.
4- والكسيرة العائبة التي فيها عيب ينقص ثمنها ونحوهن.
هذه هي التي لا تخرج في الصدقة.