تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
158229 مشاهدة
السنن الرواتب قبل الفريضة وبعدها


والرواتب المؤكدة التابعة للمكتوبات عشر: وهي المذكورة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: حفظت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الفجر متفق عليه .


الرواتب قبل الفريضة وبعدها:
قوله: (والرواتب المؤكدة التابعة للمكتوبات عشر:... إلخ):
والرواتب المؤكدة التابعة للمكتوبات عشر، وهي كما في حديث ابن عمر ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح في بيته وهكذا اقتصر على هذه العشر.
وقوله: في بيته، يعني: يصليها في بيته، ولعل ذلك لأنه كان يصليها منفردا، أو كان ينقطع عن الناس، أو أن ذلك أقرب إلى الإخلاص، فإن تيسر أن يصليها في بيته، فهو أفضل، وإن شق عليه أو خاف أن يغفل عنها إذا دخل بيته، وغالبا يغفل فيجوز أن يصليها في المسجد.
وقد ورد الترغيب في الزيادة على العشر، فثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- أحيانا يصلي أربعا قبل الظهر، كما في حديث عائشة قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يدع أربعا قبل الظهر . وندب أيضا إلى أربع بعدها، كما في حديث أم حبيبة: من صلى قبل الظهر أربعا، وبعدها أربعا، حرمه الله على النار وذلك لأن الوقت كأنه وقت استراحة، ولأنه بعيد العهد بالصلاة أي من الصبح إلى الظهر لم يؤد فيه صلاة غالبا، فاستحب أن يؤدي قبلها أربعا بسلامين، ثم يصلي بعدها أربعا بسلامين، وأجاز بعضهم أن يصليهم بسلام واحد، ولكن الأولى أن يكون بسلامين، فقد ذكرت عائشة أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في كل ركعتين التحية أي: من تطوعه.
وقد ورد في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة .
وقد زاد الترمذي في روايته فقال: أربعا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر .
وهذا دليل على أن الرواتب اثنتا عشرة ركعة في اليوم والليلة.

ولم يذكر المؤلف رحمه الله بقية النوافل، وهو محل تنفل، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- رحم الله امرأ صلى أربعا قبل العصر أي: بسلامين، دعاء له بالرحمة، ولم يثبت فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- لها، لكنه رغب بها في هذا الحديث، كذلك -أيضا- ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: صلوا قبل المغرب ركعتين، صلوا قبل المغرب ركعتين، صلوا قبل المغرب ركعتين، لمن شاء حتى لا يقال: إنها فريضة، أو إنها لازمة، هكذا علل بعض العلماء.
وسمعت بعض مشايخنا يقول: إن بعض السلف كانوا يزيدون على الرواتب عشرين ركعة، ورأيت ذلك في بعض كتب الشافعية، قالوا: يصلي قبل الظهر ستا، وبعدها ستا، وقبل العصر أربعا، وبعد المغرب ستا، وبعد العشاء ستا، فيكون قد زاد على العشر عشرين ركعة، لأنه ست وست وست وست أي أربع وعشرون وأربع؛ فيكون المجموع ثماني وعشرين، وركعتا الفجر، فهذه ثلاثون.
وبالجملة فالصلاة مرغب في التطوع فيها، والإنسان يحرص على أن يتقرب منها بما يحب، فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لربيعة: أعني على نفسك بكثرة السجود .
وبذلك نكون قد انتهينا من صفة الصلاة التي ذكر المؤلف فيها الأدلة، ولم يتوسع في الخلافات، ومن أراد الاطلاع على ما هو أوسع؛ فإن العلماء -رحمهم الله- وصفوا صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكروا ما بلغهم فيها، فلابن القيم في آخر كتابه (الصلاة) ذكر صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر أنه بيان مختصر مع كونه يذكر ما فيه خلاف، وله في (زاد المعاد) وصف لصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أيضا يشير إلى المسائل الخلافية، ويذكر وجه الخلاف، وما يترجح عنده، فمن أراد التوسع فليرجع إلى الكتب التي يتوسع فيها.