لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
158332 مشاهدة
ما يجب على المكلف تعلمه

ويجب على المكلف أن يتعلم منه كل ما يحتاج إليه في عباداته ومعاملاته وغيرها. قال النبي -صلى الله عليه وسلم- من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين متفق عليه .


قوله: (ويجب على المكلف أن يتعلم من الفقه كل ما يحتاج إليه إلخ):
المكلف: هو البالغ العاقل من نوع الإنسان، وتكليفه إلزامه بالأوامر الشرعية ليفعل، والمحرمات ليتركها. والفقه: هو معرفة الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية كما ذكر المؤلف، وهو في اللغة الفهم والإدراك كما قال تعالى عن موسى وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي [طه: 27،28] وتعلمه هو تفهمه وتعقله ومعرفة الأحكام وأدلتها ومصالحها.
وحيث إن المكلف مأمور ومنهي، وأنه يترتب على امتثاله الثواب وعلى تركه العقاب، لا جرم وجب عليه أن يتعلم جميع الواجبات الدينية في الأصول
والفروع حتى يفعلها قربة وطاعة لله تعالى ورجاء ثوابه العاجل والآجل، وأن يتعلم ما حرم الله عليه حتى يتركه تقربا إلى الله وخوفا من عقابه، وسواء كانت الأمور التي يحتاجها تتعلق بالعبادات أو بالمعاملات، فإن العبادات هي حق الله تعالى على العباد الذي فرضه وألزمهم به أو أحبه ورغب في الثواب عليه فيعم ذلك الفرائض والنوافل من الصلاة والصدقة والصوم والحج والعمرة والجهاد والذكر والدعاء والبر والصلة ونحو ذلك، ويدخل في المعاملات ما حرمه الله من المكاسب والمآكل والمشارب والصناعات والحرف والتجارات وما أباحه من الأموال وما خرج من ذلك.
والدليل على ذلك هذا الحديث الصحيح، ففيه أن من تفقه في الدين فقد أراد الله به خيرا؛ حيث وفقه للفقه والفهم والعلم الصحيح في علم الديانة، ويدل ذلك على أن الفقه في الدين من أشرف العلوم ؛ وذلك لأنه يعمل على بصيرة ويحمل العلم الشريف ويبصر الأمة ويدلهم على ما يحتاجون إليه في أمور دينهم ودنياهم.