إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
202450 مشاهدة print word pdf
line-top
الأعيان الطاهرة

وما لا نفس له سائلة، والسمك والجراد، لأنها طاهرة.
قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ إلى آخرها [المائدة: 3] .
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا وقال: أحل لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالحوت والجراد. وأما الدمان: فالكبد والطحال رواه أحمد وابن ماجه .
وأما أرواث الحيوانات المأكولة وأبوالها فهي طاهرة.
ومني الآدمي طاهر كان النبي يغسل رطبه، ويفرك يابسه .
وبول الغلام الصغير، الذي لم يأكل الطعام لشهوة: يكفي فيه النضح، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام راوه أبو داود والنسائي .وإذا زالت عين النجاسة طهر المحل، ولم يضر بقاء اللون أو الريح، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لخولة في دم الحيض: (يكفيك الماء، ولا يضرك أثره) .



كذلك ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء بموته فيه، أو وقوعه فيه، كالذباب والبعوض والفراش والنحل والنمل والذر والحشرات الصغيرة وأيضا الكبيرة كالعقرب ونحوه، فهذه إذا ذبحت لا يخرج منها دم فتكون ميتتها طاهرة تسهيلا على المسلمين؛ لأنه مما تعم به البلوى.
كذلك ما يؤكل فإنه ليس بنجس، ولو كان ميتة؛ كالسمك والجراد فإنه طاهر، فقد ورد في الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم- أحل لنا ميتتان ودمان أما الميتتان: فالحوت والجراد وأما الدمان: فالكبد والطحال والكبد كلها دم متجمد ولكنها ليست دما مسفوحا، كذلك الطحال.
قوله: (وأما أرواث الحيوانات المأكولة... إلخ):
أي: وأرواث الحيوانات المأكولة وأبوالها طاهرة أيضا؛ لقصة العرنيين الذين أرسلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى إبل الصدقة وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها؛ لأنها طاهرة مأكولة اللحم، فأبوال وأرواث الابل والبقر والغنم والظباء والعجول والأرانب والضب والوبر وما أشبهها طاهرة.
قوله: (ومني الآدمي طاهر... إلخ):
مني الآدمي فيه خلاف كثير، والمؤلف رحمه الله كأنه يختار أنه طاهر وهو
المشهور في المذهب، والمني هو: الماء الأصفر الغليظ اللزج الذي يخرج من الإنسان عند الجماع أو الاحتلام وعند الشهوة القوية، وإذا خرج بردت الشهوة بعده، ويحدث كثيرا من المحتلم في النوم.
وقد اختلف العلماء في طهارة المني فمنهم من يقول: إنه طاهر، ومنهم من يقول: إنه نجس.
والأقرب أنه طاهر؛ لأنه هو المادة القي خلق منها الإنسان، وقد ورد في الحديث تشبيهه بالمخاط والنخام وما أشبهه، وأنه يكفيه أن يمسحه بعود أو بإذخرة، وورد أن عائشة كانت تفركه من ثوب النبي -صلى الله عليه وسلم- يابسا، وبعضهم يحتاط ويقول: إن كان يابسا فليفرك، وإن كان رطبا فليغسل.
قوله: (وبول الغلام الصغير، الذي لم يأكل الطعام... إلخ):
بول الغلام الصغير الذي لم يأكل الطعام لشهوة يكفي فيه النضح، قال النبي
-صلى الله عليه وسلم- يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام رواه أبو داود والنسائي، والنضح هو: الغسل الخفيف، أي: يصب عليه الماء دون فرك ودلك، فيكفي أن تصب عليه الماء وتتبعه إياه، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- بشرط أن لا يكون قد أكل الطعام لشهوة، أي: إذا لم يشته الطعام أو يطلبه ولم يكن غذاؤه الطعام أو أكثر غذاؤه الطعام، أما إذا كان غذاؤه اللبن فيكفي فيه الرش والنضح.
وقالوا: إن السبب في ذلك والله أعلم أن النفوس تغشى الذكور فيبتلون بحمل الذكر كثيرا، فتسومح في نجاسة بوله صغيرا، أما غائطه فإنه يغسل منه، فالاستثناء خاص بالبول، أما الأنثى فيغسل بولها كبول الكبير.
قوله: (وإذا زالت عين النجاسة طهر المحل، ولم يضر بقاء اللون أو الريح، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لخولة في دم الحيض: (يكفيك الماء، ولا يضرك أثره): ذكرنا أن النجاسة تغسل حتى لزول عينها، فإذا كانت النجاسة على بلاط ثم صب عليها ماء وزال عينها طهر المحل.
وكذلك إذا كانت النجاسة على الثوب (نجاسة بول أو غائط) وصب الماء عليها حتى لا يبقى لها عين (أي: لا يبقى جرمها) طهر المحل، وكذلك الدم على الثوب ونحوه يكفي فيه الماء، لكن بعدما تزول أو تخفف عينه.
وفي الحديث الآخر سئل عن دم الحيض يصيب الثوب فقال: تحته، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه فأمرها أولا: أن تحت المتجمد بين أصابعها أو تحكه بظفرها أو بعود أو نحوه فيتساقط المتجمد، ثم بعد ذلك: تقرصه بالماء، فتصب الماء بين أصابعها وتفركه وتدلكه حتى يزول بالماء، ثم بعدها: تغمره بالماء وتنضحه.
وهذا آخر باب إزالة النجاسة.

line-bottom