شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
202651 مشاهدة print word pdf
line-top
باب ما يوجب الغسل وصفته

[باب: ما يوجب الغسل، وصفته]
ويجب الغسل من: الجنابة ، وهي: إنزال المني بوطء أو غيره، أو بالتقاء الختانين، وخروج دم الحيض، والنفاس، وموت غير الشهيد.
وإسلام الكافر.
قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6] وقال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ الآية [البقرة: 222] أي: إذا اغتسلن، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالغسل من تغسيل الميت .
وأمر من أسلم أن يغتسل .



[باب: ما يوجب الغسل، وصفته]
الغسل هو اغتسال الإنسان، وهو غسل جميع بدنه بالماء، أو إمرار الماء على جميع بدنه مع الدلك ونحوه.
موجبات الغسل:
أولا: الجنابة:
قوله: (ويجب الغسل من: الجنابة، وهي: إنزال المني بوطء أو غيره، أو... الخ):
سميت بذلك؛ لأن الجنب كأنه يتجنب أشياء لا يتجنبها غيره، كالمساجد، والقرآن، ومس المصحف؛ لذلك سمي جنبا، قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا [المائدة: 6] وهي تطلق على الواحد والجماعة، فيقال: هؤلاء جنب، وهذا جنب.
والجنابة هي : إنزال المني بوطء أو غيره أو بالتقاء الختانين، أي: أن أحد أسباب الجنابة هو: إنزال المني بوطء، أو غيره.
فإذا خرج المني بدفق وصحب خروجه لذة وجب الغسل؛ سواء بتكرار النظر أو بالمباشرة أو نحو ذلك، فالجميع يوجب الوضوء إذا خرج المني.
والمني هو : الماء اللزج الأصفر الذي يخرج من الذكر عند الوطء والاحتلام، وعند تحرك الشهوة ونحوها، ويعقب خروجه شيء من الفتور ونحوه، فهو من
موجبات الغسل ودليل ذلك قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6] .
ولكن الله لم يذكر نوع التطهر، ولكنه ذكره في آية أخرى، وهي قوله تعالى: وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء: 43] فذكر أن رفع الجنابة يكون بالاغتسال.
ومن أسباب الجنابة التقاء الختانين، وفيه خلاف إذا لم يكن هناك إنزال، فكان بعض الصحابة كجماعة من الأنصار يرون أنه لا يوجب الغسل إلا الإنزال، لقوله في الحديث: الماء من الماء ثم ترجح لهم أن هذا الحديث منسوخ، وأن مجرد إيلاج رأس الذكر ولو لم يحصل إنزال يوجب الغسل؛ وذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم- إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل .
ثانيا: دم الحيض والنفاس:
قوله: (وخروج دم الحيض، والنفاس):
إذا طهرت الحائض أو النفساء فإن عليها أن تغتسل، فخروج دم الحيض ولو كان قليلا ثم انقطاعه يوجب الغسل، ودليل الغسل من الحيض قوله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة: 222] فقوله: (يطهرن) أي: ينقطع دمهن، و(تطهرن) أي: اغتسلن، فدل على أنها لا تحل لزوجها حتى تغتسل بعد الحيض.
ثالثا: الموت لغير الشهيد:
قوله: (وموت غير الشهيد):
أي: يجب تغسيل الميت المسلم غير الشهيد أما الشهيد فلا يغسل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بدفن الأموات في ثيابهم بدون تغسيل أو تكفين، كما هو مشهور .
وأما من غسل ميتا فهل يلزمه الاغتسال ؟
اختلف أهل العلم في ذلك، فقال بعضهم: يجب عليه الاغتسال، لحديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من غسل ميتا فليغتسل فأمر بالغسل من تغسيل الميت.
وقال بعضهم: إن هذا الأمر للاستحباب، وذلك لأنه ورد أدلة أخرى في أنه يكفي الوضوء، قالوا: أقل ما فيه الوضوء، وإن الاغتسال إنما هو سنة، وإذا أمر بالاغتسال من غسل الميت دل على أن غسل الميت واجب.
وقد ذكر ذلك أيضا في حديث ابن عباس في الرجل الذي مات وهو محرم،
فقال: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه وإذا أمر بتغسيل المحرم فغيره بطريق أولى.
رابعا: إسلام الكافر:
قوله: (وإسلام الكافر):
إذا أسلم الكافر وجب أن يغتسل؛ لأن بدنه نجس، فوجب عليه أن يطهر ذلك البدن بالغسل؛ لقوله تعالى: (إنما المشركون نجس) [التوبة: 128] ولأنه لو اغتسل وهو كافر لم يرتفع حدثه، وفي حديث قيس بن عاصم: أنه لما أسلم أمره أن يغتسل بماء وسدر فدل على أنه يجب الغسل على من أسلم.
قوله: (قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وقال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ إلخ):
أورد هذه الآثار كأدلة على موجبات الغسل، لأن الغالب في طريقة المؤلف أنه يذكر المسالة ثم يذكر أدلتها وذلك للاختصار.

line-bottom