إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
193471 مشاهدة print word pdf
line-top
اشتمال الخطبة على الحمد والثناء

ويقول: أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة رواه مسلم .
وفي لفظ له: كانت خطبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة: يحمد الله ويثني عليه، ثم يقول على إثر ذلك، وقد علا صوته .
وفي رواية له: من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له .
وقال: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه رواه مسلم .


كذلك أيضا مما ينبغي أن تشتمل عليه الخطبة الثانية أو الخطبة الأولى قوله:
أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة وهذا يفهم منه بأن يأتي بهذه الجملة كل جمعة؛ لما فيها من المعاني الجليلة، ففيها تذكير بكتاب الله تعالى، وتذكير بهدي وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وحث على التمسك بها، ونهي عن المحدثات والبدع، وأنها شر الأمور.

وأخبر أن النبي يك!ميه كان يحمد الله في خطبته ويثني عليه، وهذا هو المعتاد، فلم يكن يبدأ خطبته إلا بالحمد، ولا يبدأها بغير الحمد، فكان يحمد الله ويثني عليه ثبم يقول على إثر ذلك، وقد علا صوته... إلى آخره.
وأمط رواية: من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له فهذه وردت في خطبة الحاجة في حديث ابن مسعود المشهور: إذا كان لأحدكم حاجة فليقل: إن الحمد الله.... إلى آخره .
أما حديث: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فهذا يستدل به على أنه كان يطيل الصلاة، ويقصر الخطبة.
ولكن ما المراد بالتقصير؟ وما المراد بالإطالة؟
يقول العلماء: إن الطول والقصر أمر نسبي، ويقولون: إن خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- طويلة، ولأجل طولها قسمها إلى قسمين يجلس بينهما، فهو يطيل الخطبة فإذا تعب وسئم جلس واستراح هنيهة ثم ابتدأ في الخطبة الثانية، فالقسم والجلوس دليل على الإطالة. إذن الطول والقصر أمر نسبي.
فإذا رأينا -مثلا- من تكون خطبتاه ساعتين، قلنا: هذا يطيل، وإذا رأينا من تكون خطبتاه نصف ساعة، قلنا: هذا يقصر، فالإطالة هي الطول الممل الذي يمل فيه المصلون والمستمعون، والعادة أن المستمعين إذا طالت الخطبة يستثقلوها، فإن نصف ساعة أو ثلثي ساعة تعتبر قصيرة، وأن ساعة أو ساعة ونصفا أو ساعتين تعتبر طويلة.

line-bottom