(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
202503 مشاهدة print word pdf
line-top
أقوال الأئمة في زكاة الحبوب والثمار

أما صدقة الخارج من الأرض من الحبوب والثمار:


زكاة الحبوب والثمار
قوله: (وأما صدقة الخارج من الأرض من الحبوب والثمار):
يراد بالخارج من الأرض الثمار والحبوب التي تنبت بالسقي وتنمو وهي من رزق الله تعالى. فالله تعالى جعل الأرض رخاء تنبت ما يأكلون، فلو كانت الأرض كلها ذهبا أو فضة لما عاش عليها دابة أو إنسان، ولكن الله جعلها قابلة للإنبات، فأنزل عليها الماء من السماء وأسكنه في الأرض، وجعل في الأرض مستودعات تخزن فيها المياه إذا كثرت فتبتلعها الأرض وتمسكها؛ حتى يستخرجها الناس عند الحاجة إليها، لشربهم ولسقي دوابهم ولسقي حروثهم وأشجارهم التي فيها معاشهم وحياتهم.
وهذا الخارج من الأرض تارة يحتاج إلى سقي وإلى مؤونة وإلى كلفة في السقي فتكون زكاته أقل، وتارة لا يحتاج إلى سقي؛ بل ينبت بنفسه ويستقي بعروقه أو نحو ذلك، فتكون زكاته أكثر لأن المؤنة فيه أقل.
وأكثر الفقهاء على أن زكاة الخارج من الأرض تختص بالحبوب والثمار، التي تكال وتدخر، وأنه لا زكاة فيما سوى ذلك؛ وذلك لأنها إذا كانت لا تدخر فلا تتم بها النعمة، أما التي تدخر فإنه ينتفع بها في الحال وفي المال، بخلاف التي لا تدخر. فمثلا الفواكه التي تؤكل رطبة ولا تدخر، هذه لا ينتفع بها إلا في الحال فلا زكاة فيها، هذا هو القول الراجح والمشهور.
وهناك من يقول من العلماء كالحنفية : إن الزكاة في كل شيء ينبت من الأرض وفيه منفعة وفيه غذاء، ويستدلون بقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالنضح والدلال نصف العشر فقالوا كلمة: فيما سقت السماء عامة يدخل فيها الفواكه فيكون فيها زكاة.
واستدلوا أيضا بقوله تعالى: وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام: 141] على قول بأن حقه هو الزكاة، فقالوا: إن الأمر يعود إلى أقرب مذكور، والآية ذكر فيها النخل والزرع وهما زكويان لأن ثمرهما يكال ويدخر، ثم ذكر فيها الزيتون والرمان والغالب أنهما لا يدخران، فالرمان يفسد إذا طال زمانه فلا يدخر، والزيتون يمكن أن يصبر ويعتصر منه زيت الزيتون لكن نفسه لا يدخر أصلا، ومع ذلك فالآية عقبهما: وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ فقوله: (ثمره) وقوله: (حقه) تعود إلى أقرب مذكور، فهذا دليل على أن الرمان والزيتون فيهما زكاة.
وعلى هذا القول تخرج زكاة كل خارج من الأرض، فكل ما سقت السماء أو كان عثريا، وكذلك كل ما سقي بالنضح ونحوه فيلزم أصحاب البقول بالزكاة منها أو من ثمرها. البقول مثل: الخس، والفجل، والرجلة، وأشباهها.
وكذلك أيضا يدخلون فيها زكاة الفواكة كالبطيخ والتفاح والموز والبرتقال والمشمش والخوخ وما أشبهها، وذلك أثها من جملة ما يسقى.
وقالوا أيضا: إنها من جملة الأموال فتدخل في قوله: وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات: 19] وتدخل في قوله: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً [التوبة: 103] وأيضا تدخل في قوله -صلى الله عليه وسلم- تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم فإن أكثر الذين يزرعون هذه البقول يبيعون منها كميات طائلة، فيبيعون مثلا من البطيخ بعشرات الألوف بأنواعه، ويبيعون أيضا من الفواكه كالرمان، والخوخ والمشمش وغير ذلك يبيعون منها كميات كثيرة، فإذا أسقطنا منها الزكاة فقد أسقطنا حقا للفقراء مذكورا في هذه الآية: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ للسائل والمحروم [المعارج: 24، 25] وهذا وجه من أوجه الزكاة في كل خارج من الأرض حتى أوجبوها أيضا في الخضار وذلك إما بإخراج جزء مقدر منها أو من قيمتها، والخضار هي التي تطبخ وتؤكل مثل الباذنجان، والبطاطا، أو تؤكل بدون طبخ مثل الخيار والجزر، قالوا: فهذه كلها من جملة الخارج من الأرض فتؤدى زكاتها.
والقول الثاني : إن الزكاة لا تخرج إلا مما يكال ويدخر، ومعنى يكال: يعني يعبر بالوزن أو بالمكيال، فجعلوا الكيل والوزن والادخار هو السبب. والادخار معناه: الاحتفاظ بها في المال بحيث ينتفع بها في الحال وفي المال.
فمثلا التمور تكال وتدخر، فتؤكل في الحال رطبا ويمكن أن تصير تمرا ويجفف ويكنز ويخزن وينتفع به، فهي مال زكوي.
وهذا الزبيب، وهو العنب فيؤكل عنبا رطبا ويترك في شجره حتى يصير زبيبا، ثم بعد ذلك يجفف ويدخر ويؤكل وينتفع به، فهو مال زكوي.
كذلك الحبوب بأنواعها، سواء كانت قوتا كالبر والأرز والدخن والشعير والذرة، أو لم تكن قوتا ولكنها تكال وتدخر كالحبة السوداء، والرشاد، والحلبة، وكذلك الحبوب الأخرى مثل القهوة، والهيل، والقرنفل، والزنجبيل، وأشباهها. هذه كلها تدخر وينتفع بها في الحال وفي المآل.
أما إذا كانت تفسد إذا خزنت كالبصل ونحوه فلا تخرج منه الزكاة على هذا القول.
والحاصل: إن القول الذي اختاره أكثر الفقهاء ومنهم ابن سعدي: إن الزكاة خاصة بالحبوب والثمار، وأن الحبوب تعم ما كان قوتا يؤكل، كالبر والشعير والأرز، وما ليس بقوت كالحبة السوداء والرشاد ونحو ذلك، فهذه ليست قولا ولكنها دواء ونحوه. فهذه كلها حبوب تكال وتدخر ففيها الزكاة.

line-bottom