اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
162921 مشاهدة
فرضية زكاة الفطر

[باب: زكاة الفطر]
عن ابن عمر قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر: صاعا من تمر، أو صاعا من شعير على العبد والحر، والذكر الأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة متفق عليه .


[باب: زكاة الفطر]
ألحق الفقهاء هذا الباب بالزكاة؛ لأنه مال يدفع للمساكين، فهو شبيه بالزكاة، وبعضهم يلحقه بالصيام لأنه سببه، ولكن الأولى إلحاقه بكتاب الزكاة.
وسميت زكاة الفطر بهذا الاسم بسبب وجوبها وهو الفطر من رمضان، وهي صدقة يتصدق بها في آخر رمضان.
قوله: (عن ابن عمر قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر:... إلخ):
كلمة (فرض): قيل: المراد بها الإيجاب، أي: أوجبها والزمها بها، وقيل: فرضها، يعفي: قدرها، فالفرض التقدير، ومنه سميت الفرائض؛ لأنها أنصبة مقدرة، أي: قدر زكاة الفطر: صاعا من تمر، أو صاعا من شعير.
اقتصر هنا على صنفين: التمر والشعير؛ وذلك لأنهما الأغلب في ذلك الزمان، أي: في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فكان التمر متوفرا وكانت المدينة ذات نخل، والشعير متوفر لأنه أقل ثمنا، وكانوا فقراء يشترون ما هو أقل ثمنا، موجود ولكنه أرفع ثمنا.
وقوله: على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين .
يعني: وجوبها على كل فرد من المسلمين، ولهذا قال في بعض الروايات: عمن تمونون أي: عمن تنفقون عليه، فيخرج زكاة الفطر عن أهل بيته وعن مماليكه إذا كان عنده مماليك، ذكورا وإناثا، صغارا وكبارا، وعن زوجه وعمن ينفق عليه من أبويه وإخوته أو نحوهم.
وتختص بالمسلمين، فإن كان عنده مملوك ليس بمسلم فلا زكاة عليه، ومثله في هذه الأزمنة الخدم غير المسلمين، فالخادمة النصرانية أو البوذية وكذلك السائق والخادم إذا كان غير مسلم ويستخدمه بأجرة، فإنه لا زكاة فطر عليه.
قوله: (وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة):
أي: إن الأفضل في وقت إخراجها أن تؤدى إلى مستحقيها قبل الصلاة، لكن رخص بأن تقدم قبل العيد بيوم أو يومين، فإن حصرها في صباح العيد قبل الصلاه فيه شيء من الضيق، ولكن هو الأفضل إذا تيسر.