لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
218101 مشاهدة print word pdf
line-top
صيام ست من شوال

وقال: (من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر).
رواه مسلم .


رابعا: صيام ست من شوال
قوله: وقال: من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال... إلخ .
وقد ورد في صيام هذه الستة أحاديث أصحها حديث أبي أيوب الذي رواه مسلم: من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر وشوال هو
الشهر الذي بعد رمضان، وصيام هذه الست سنة؛ لورود الأحاديث الكثيرة في فضل صيامها، والتعليل بأن صيامها مع صيام رمضان كأنه صيام الدهر كله، بمعنى أن الحسنة تضاعف بعشر أمثالها، فإذا صام رمضان كان عن عشرة أشهر، وستة أيام عن ستين يوما، فهذه اثنا عشر شهرا، فيصبح كأنه صام الدهر.
ولا يشترط في هذه الأيام أن تتوالى بل يصح أن تكون متفرقة، وأن تكون من أول الشهر أو من وسطه أو من آخره، فالجميع لا بأس به، حيث أطلق أنها من شهر شوال، ولكن يفضل المبادرة والمسابقة والمسارعة وأن تكون من أول الشهر، وحتى يحتاط الإنسان لأنه لا يدري ما يعرض له.
وإذا لم يتمكن من صيامها من شوال فله أن يصومها من شهر ذي القعدة، مثاله: لو أن امرأة نفست في رمضان ولم تطهر إلا في عشر من شوال، فصامت عشرين يوما من شوال عن رمضان، وصامت عشرة أيام من ذي القعدة من تكملة رمضان، فهذه المرأة تتدارك وتصوم الست من ذي القعدة.
وما ذاك إلا أن القصد صيام شهر وستة أيام، وليس كل أحد يستطيع أن يصوم رمضان دائما، فقد يمرض الإنسان ويفطر في رمضان ثم يصوم شوالا، وقد يسافر فيفطر في رمضان ويصوم عوضا عن ذلك شوالا، فعلى هذا يصومها من ذي القعدة أو مما بعده حتى تحفظ له هذه الأيام.
مسألة:
إذا كان على الإنسان قضاء من رمضان، فهل الأفضل صيام الست من شوال أولا ثم القضاء؛ أو العكس؟
الجواب: ذكرنا الحديث: من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر وفي هذا دليل على أنه لا بد من إكمال صيام رمضان الذي هو الفرض. ثم يضيف إليه لست أيام من شوال نفلا لتكون كصيام الدهر.
وعلى هذا فمن صام بعض رمضان وأفطر بعضه لمرض أو سفر أو حيض أو نفاس، فعليه إتمام ما أفطر بقضائه من شوال أو غيره هقدما على كل نفل من صيام الست أو غيرها، فإذا أكمل قضاء ما أفطر شرع له صيام الست من شوال ليحصل له الأجر المذكور.

line-bottom