شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
162937 مشاهدة
التمتع

فالتمتع هو: إن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج من عامه، وعليه دم أن لم يكن من حاضري المسجد الحرام.



أولا: التمتع:
قوله: (فالتمتع هو: إن يحرم بالعمرة في أشهر الحج... إلخ):
صفة التمتع إن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج من عامه، وعليه دم أن لم يكن من حاضري المسجد الحرام، هذه صفة التمتع، فلا بد من شروط:
الشرط الأول : أن تكون عمرته في أشهر الحج: وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، فإن كانت عمرته في رمضان فلا يسمى متمتعا.
الشرط الثاني : أن يحج في ذلك العام: فلو اعتمر- مثلا- في ذي القعدة أو في أول ذي الحجة، ولكنه لم يتيسر له الحج أو مسعه مانع فلا دم عليه، ولا يسمى متمتعا.
الشرط الثالث : ألا يسافر بين العمرة والحج مسافة طويلة: أي: سفر قصر، فلو أنه اعتمر في شهر ذي القعدة ثم رجع إلى أهله في الرياض- مثلا- أو إلى إحدى القرى البعيدة، ثم رجع إلى مكة قرب الحج وأحرم بالحج؛ فلا يسمى متمتعا.
الشرط الرابع : ألا يكون من أهل مكة: ولو اعتمر في أشهر الحج؛ لقوله تعالى: ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة: 196] .
هذه هي شروط وجوب الدم، فإذا تمت الشروط فهو متمتع وعليه دم.
وإذا قلت: لماذا سمي متمتعا ؟
نقول: التمتع في اللغة : هو الانتفاع، فسمي متمتعا؛ لأنه انتفع، أما سبب انتفاعه فهو حصوله على نسكين في سفر واحد، حيث سقط عنه أحد السفرين، فالأصل أن يسافر للعمرة سفرا مستقلا، ثم يسافر للحج سفرا مستقلا، فإذا جمع بينهما في سفر، فقد سقط عنه أحد السفرين، وحيث أنه حصل له في سفر واحد الحج والعمرة جميعا، وأراح نفسه من التكلف ومن المشقة ومن النفقة الأخرى وما أشبه ذلك، كان من تكملة ذلك أن يذبح ذلك الهدي، فيذبحه تكملة لنسكه.
فلأجل ذلك إذا سافر للحج سفرا، وللعمرة سفرا؛ ولو في أشهر الحج، لم يحصل له الانتفاع الذي هو التمتع، فحسقط عنه الدم، ويكون أجره أعظم؛ وذلك لأن الأجر على قدر التعب والمشقة والمؤونة.
كثير من الناس يختار التمتع، فيختار هذه الصفة، مع أن السفر مرتين: مرة للحج ومرة للعمرة أفضل، ولكن لما سمع أن أفضل الأنساك التمتع ظن أنه أفضل مطلقا.