شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
194701 مشاهدة print word pdf
line-top
الذكر والدعاء في المناسك

والمشروع: إن يكثر الإنسان في طوافه وسعيه وجميع مناسكه من ذكر الله ودعائه، لقوله -صلى الله عليه وسلم- إنما جعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار؛ لإقامة ذكر الله .


الذكر والدعاء في المناسك
قوله: (والمشروع في الطواف والسعي وجميع المناسك أن يكثر الإنسان من ذكر الله ودعائه... إلخ):
لأن الله تعالى حث على الإكثار من ذكره، فقال تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة: 203] وقال: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة: 198] وقال: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا [البقرة: 200] وقال: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28] .
فذكر الله تعالى هو كل ما يذكر به، فيدخل به التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والحوقلة والاستغفار والدعاء وما أشبه ذلك، فيسن أن يأتي بهذا الذكر كاملا، ويرفع يديه في الأماكن التي يدعو فيها، فإذا كان يدعو في الطواف أو السعي رفع يديه؛ لأن ذلك مظنة إجابة الدعاء.
وكذلك يسن أن يدعو بعد رمي الجمرة الأولى وبعد رمي الجمرة الوسطى، فيرفع يديه ويدعو ويطيل الدعاء بقدر طاعته، كما نقل ذلك من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن اشتغل بالقراءة كما تقدم أجزأه ذلك.
ثم استدل المؤلف بهذا الحديث، وقد روي مرفوعا وروي موقوفا على عائشة رضي الله عنها: إنما جعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار؛ لإقامة ذكر الله أي: إن الطواف في البيت ليس عبادة للبيت، ولكنه ذكر -صلى الله عليه وسلم- وتذكير بالله، أي: شرع لأجل أن يذكر الله، وكذلك الصفا والمروة فهما تذكير بالله، وكذلك رمي الجمار لإقامة ذكر الله، ولهذا يكبر مع كل حصاة؛ ويدعو الله بعد انتهائه من الجمرتين الأوليين، وكل ذلك من ذكر الله تعالى.

line-bottom