تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
162876 مشاهدة
الطهارة بالماء

[باب: المياه] .
والطهارة نوعان:
أحدهما: الطهارة بالماء ، وهي الأصل .
فكل ماء نزل من السماء، أو نبع من الأرض: فهو طهور، يطهر من الأحداث والأخباث، ولو تغير لونه أو طعمه أو ريحه بشيء طاهر، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الماء طهور لا ينجسه شيء رواه أهل السنن، وهو صحيح .



[باب: المياه]
قوله: (والطهارة نوعان: أحدهما: الطهارة بالماء، وهي الأصل... إلخ):
الطهارة نوعان :
أحدهما: الطهارة بالماء وهي الأصل.
والثاني: الطهارة بالتراب الذي هو التيمم، وهو بدل عن الوضوء (وسيأتي الحديث عنه مفصلا في موضعه إن شاء الله).
ولكن الأصل هو الطهور بالماء، قال الله تعالى: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا [الفرقان: 48] فهذا الماء الذي ينزل من السماء، ويستقر في الأرض، تحفظه الأرض في جوفها، ثم يستخرج منها، هو الطهور.
وقال تعالى: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال: 11] واستدل من هذا أن الطهارة بالماء هي الأصل.
والمؤلف رحمه الله يرى أن المياه قسمان : طهور ونجس، وليست ثلاثة، والحد الفاصل بينهما هو التغير بالنجاسة، فإذا كان الماء لم يتغير بنجاسة فإنه طهور، وإذا تغير بنجاسة فإنه نجس، وليس بينهما واسطة.
قوله: (فكل ماء نزل من السماء، أو خرج من الأرض ... إلخ):
فالماء الذي نزل من السماء أو خرج من الأرض بالدلاء أو بالمضخات فهو طهور يطهر من الأحداث والأخباث.
والأحداث: هي الأمور المعنوية التي ترفع بالغسل وبالوضوء.
والأخباث: هي النجاسات العينية كالأبوال ونحوها.
قوله: (ولو تغير لونه أو طعمه أو ريحه بشيء طاهر... إلخ):
إذا تغير الماء بشيء طاهر فإنه يبقى على طهوريته، ولو كان قليلا، واشترطوا أن يبقى له مسمى الماء، أما إذا تغير اسمه، بأن سلب اسم الماء ولو بإضافة شيء إليه؛ فإنه لا يسمى طهورا، بل يتحول اسمه إلى ما أضيف إليه، فيسمى مثلا قهوة أو شايا أو حبرا وهكذا، كل هذا لا يتطهر به، لأنه سلب اسم الماء، وكذلك إذا غلب عليه، بأن سمي مثلا ماء الزعفران، أو ماء الورس أو ماء البنفسج أو ماء الورد، فهذه لا يطلق عليها اسم الماء المطلق، أما إذا كانت الإضافة لا تسلبه اسم الماء المطلق، مثل: ماء الآبار، وماء البحار، وماء الأنهار، وماء الأودية ، فهذا ماء طهور.

فالمؤلف رحمه الله يقول: لو تغير لونه أو طعمه أو ريحه بشيء طاهر؛ كأن سقطت فيه أوراق، أو غمست فيه الأيدي، ولم يتغير، أو غسل فيه شيء طاهر، ولم يتغير بنجاسة، فهو باق على طهوريته، واستدل بهذا الحديث، وهو حديث بئر بضاعة: إن الماء طهور لا ينجسه شيء وحكم بأنه صحيح، وذكروا في الحديث أن بئر بضاعة كان يرمى فيها الجيف والنتن وخرق الحيض والكلاب، ومع ذلك قال -صلى الله عليه وسلم- إن الماء طهور لا ينجسه شيء وذلك؛ لأنها تستخلف لأنها تنزح بالدلاء ثم يأتي بدل الماء ماء.