من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
210549 مشاهدة print word pdf
line-top
السنن الرواتب قبل الفريضة وبعدها


والرواتب المؤكدة التابعة للمكتوبات عشر: وهي المذكورة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: حفظت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الفجر متفق عليه .


الرواتب قبل الفريضة وبعدها:
قوله: (والرواتب المؤكدة التابعة للمكتوبات عشر:... إلخ):
والرواتب المؤكدة التابعة للمكتوبات عشر، وهي كما في حديث ابن عمر ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح في بيته وهكذا اقتصر على هذه العشر.
وقوله: في بيته، يعني: يصليها في بيته، ولعل ذلك لأنه كان يصليها منفردا، أو كان ينقطع عن الناس، أو أن ذلك أقرب إلى الإخلاص، فإن تيسر أن يصليها في بيته، فهو أفضل، وإن شق عليه أو خاف أن يغفل عنها إذا دخل بيته، وغالبا يغفل فيجوز أن يصليها في المسجد.
وقد ورد الترغيب في الزيادة على العشر، فثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- أحيانا يصلي أربعا قبل الظهر، كما في حديث عائشة قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يدع أربعا قبل الظهر . وندب أيضا إلى أربع بعدها، كما في حديث أم حبيبة: من صلى قبل الظهر أربعا، وبعدها أربعا، حرمه الله على النار وذلك لأن الوقت كأنه وقت استراحة، ولأنه بعيد العهد بالصلاة أي من الصبح إلى الظهر لم يؤد فيه صلاة غالبا، فاستحب أن يؤدي قبلها أربعا بسلامين، ثم يصلي بعدها أربعا بسلامين، وأجاز بعضهم أن يصليهم بسلام واحد، ولكن الأولى أن يكون بسلامين، فقد ذكرت عائشة أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في كل ركعتين التحية أي: من تطوعه.
وقد ورد في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة .
وقد زاد الترمذي في روايته فقال: أربعا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر .
وهذا دليل على أن الرواتب اثنتا عشرة ركعة في اليوم والليلة.

ولم يذكر المؤلف رحمه الله بقية النوافل، وهو محل تنفل، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- رحم الله امرأ صلى أربعا قبل العصر أي: بسلامين، دعاء له بالرحمة، ولم يثبت فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- لها، لكنه رغب بها في هذا الحديث، كذلك -أيضا- ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: صلوا قبل المغرب ركعتين، صلوا قبل المغرب ركعتين، صلوا قبل المغرب ركعتين، لمن شاء حتى لا يقال: إنها فريضة، أو إنها لازمة، هكذا علل بعض العلماء.
وسمعت بعض مشايخنا يقول: إن بعض السلف كانوا يزيدون على الرواتب عشرين ركعة، ورأيت ذلك في بعض كتب الشافعية، قالوا: يصلي قبل الظهر ستا، وبعدها ستا، وقبل العصر أربعا، وبعد المغرب ستا، وبعد العشاء ستا، فيكون قد زاد على العشر عشرين ركعة، لأنه ست وست وست وست أي أربع وعشرون وأربع؛ فيكون المجموع ثماني وعشرين، وركعتا الفجر، فهذه ثلاثون.
وبالجملة فالصلاة مرغب في التطوع فيها، والإنسان يحرص على أن يتقرب منها بما يحب، فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لربيعة: أعني على نفسك بكثرة السجود .
وبذلك نكون قد انتهينا من صفة الصلاة التي ذكر المؤلف فيها الأدلة، ولم يتوسع في الخلافات، ومن أراد الاطلاع على ما هو أوسع؛ فإن العلماء -رحمهم الله- وصفوا صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكروا ما بلغهم فيها، فلابن القيم في آخر كتابه (الصلاة) ذكر صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر أنه بيان مختصر مع كونه يذكر ما فيه خلاف، وله في (زاد المعاد) وصف لصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أيضا يشير إلى المسائل الخلافية، ويذكر وجه الخلاف، وما يترجح عنده، فمن أراد التوسع فليرجع إلى الكتب التي يتوسع فيها.

line-bottom