شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
172860 مشاهدة
ما يستحب لمن أتى الجمعة

ويستحب لمن أتى الجمعة أن: يغتسل، ويتطيب، ويلبس أحسن ثيابه، ويبكر إليها.


قوله: ( ويستحب لمن أتى الجمعة أن يغتسل... إلخ):
قد ذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه واجب؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- غسل الجمعة واجب على كل محتلم ولقوله: من أتى الجمعة فليغتسل .
وفي الغسل ثلاثة أقوال: قول متشدد، وقول متساهل، وقول متوسط.
فالقول المتشدد: للذين أوجبوه واستدلوا بهذه الأحاديث.
والقول المتساهل: للذين قالوا: كله سواء؛ الغسل وتركه، وقد يستدلون بحديث سمرة ولفظه: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل .
والذين توسطوا قالوا: يجب في حال دون حال، ونظروا إلى الحكمة، وهي ما في حديث عائشة ؛ حيث ذكرت أن الكثير من المصلين كانوا يأتون إلى صلاة الجمعة بثياب دنسة وهم أهل عمل وأبدانهم متسخة وثيابهم متسخة، فإذا صفوا في جانب بعضهم تأذى البعض من الرائحة والوسخ.
وكان المسجد أيضا مظلما وليس فيه نوافذ، وليس فيه مكيفات، وليس فيه هواء، فيشتد الحر وينزل العرق فتتسخ الأبدان وتتسخ الثياب، ويؤذون من إلى جانبهم، فلما اشتكى كثير منهم، وقالوا: نتأذى من هؤلاء العمال؛ لأن أكثر أهل المدينة أهل عمل، إما عمل في حرفهم، وإما عمل في تجاراتهم، وأكثرهم فقراء ليس عنده إلا الثوب الذي على جسده، وقد يبقى الثوب عليه نصف سنة، وقد لا يغسله إلا في الشهر مرة أو في الشهرين، فيتسخ.
فلأجل ذلك أمروا بأن يغتسلوا في يوم الجمعة حتى يذهب شيء من الوسخ الذي على الأبدان، وأمروا بأن يتطيبوا حتى يكون ذلك الطيب مخففا للروائح، وأمروا بأن يلبسوا أحسن الثياب حتى يكون ذلك مخففا لزوال الأوساخ التي تكون عليها، وأمروا بالتبكير، أي: يذهبوا مبكرين.