لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
202582 مشاهدة print word pdf
line-top
الإسراع بالجنازة

قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم .


الإسراع بالجنازة
قوله: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم .
حمل بعضهم الإسراع على سرعة السير، وقالوا: إنهم كانوا إذا حملوا الجنازة فإنهم يسرعون حتى كأنهم يخبون خبا أو يرملون رملا من سرعتهم، ولكن ورد في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر عليه بجنازة وهي تمخض مخض الزق، فقال: أربعوا أو لا تسرعوا ومعنى: تمخض، أي: تضطرب وتتحرك كما يتحرك الزق وهو السقاء المنفوخ، فيكون هذا دليلا على أنه لا يسرع الإسراع الشديد، لأن ذلك قد يتعبهم ويرهقهم.
والصحيح أن قوله: أسرعوا بالجنازة المراد به التجهيز، أي: أسرعوا في تجهيزها ولا تتثاقلوا، ولا تتوانوا بها، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه يعني: إذا كانت صالحة فإنكم تقدمونها إلى القبر، والقبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار فإن كانت صالحة فإنكم تقدمونها إلى تلك الروضة، التي ينال فيها كرامته وأول جزائه وثوابه.
وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم يعني: إذا كانت غير صالحة فإنكم تستريحون منها وتضعونها في تلك الحفرة، نسأل الله السلامة العافية.
وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام: إذا وضعت الجنازة على السرير واحتملها الرجال على رقابهم، فإنها تصيح وتقول -إن كانت صالحة- قدموني قدموني، وإن كانت سوى ذلك قالت: يا ويلها أين تذهبون بها، يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق فأفاد أن قوله: قدموني الإسراع في تقديمها إلى القبر.

وكذلك ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله أي: بعد موته يسمى جيفة؛ لأنه فارقته الروح، فلا تحبسوا جيفته، أي: جنازته بين ظهراني أهله؛ بل أسرعوا بها وادفعوها وادفنوها.
وكذلك ثبت قوله -صلى الله عليه وسلم- لعلي: يا علي، ثلاث لا تؤخرهن: الصلاة إذا حضر وقتها، والجنازة إذا وجدت، والأيم إذا وجدت لها كفأ فذكر من جملة ذلك الجنازة، فإذا حضرت لا تؤخر.

line-bottom