إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
162828 مشاهدة
زيارة القبور


وقال: (زوروا القبور، فإنها تذكر بالآخرة) رواه مسلم .


زيارة القبور:
قوله: (وقال: زوروا القبور؛ فإنها تذكر بالآخرة):
كذلك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بزيارة القبور، وقال: زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة . وكان قد نهاهم عن زيارة القبور لما كانوا حديثي عهد بالشرك والكفر مخافة الفتنة والغلو في القبور، ثم رخص لهم بعد ذلك في زيارة القبور لأمرين: لأنها تذكر بالآخرة، ولأنهم ينفعون الأموات المسلمين بدعائهم لهم وترحمهم عليهم.
واستثنى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من ذلك النساء، فإنهن لا يزرن القبور، فالنهي عام، ثم ورد التخصيص بالرجال ونهى النساء عن ذلك، فقال: لعن الله زوارات القبور، والمتخدين عليها المساجد والسرج وقد خص النساء؛ لأن المرأة ضعيفة عندما تزور القبر فقد لا تتحمل، وقد تصيح أو تنوح أو تتذكر قريبها أو نحو ذلك، وقد روي أنه -صلى الله عليه وسلم- رأى نسوة متوجهات إلى القبر لتشييع ميت، فقال لهن: هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن: لا، قال: فارجعن مأزورات غير مأجورات، فإنكن تفتن الأحياء، وتؤذين الأموات فأمرهن بالرجوع قبل أن يصلن إلى القبور.
وروى أبو داود والترمذي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى فاطمة جاءت من قبل البقيع، فسألها: أين ذهبت؟ فقالت: إلى أهل الميت ذلك أعزيهم بميتهم، فقال: لعلك بلغت معهم الكدى؟ قالت: معاذ الله، وقد سمعتك تنهى عن ذلك، فقال: لو بلغت معهم الكدى، ما رأيت الجنة، حتى يراها جد أبيك هكذا في سنن النسائي، فيفيد أن الإذن خاص بالرجال.
وزيارة القبور قيل: أنها تستحسن كل أسبوع أو كل شهر، وبعضهم يقول: كلما أحس في قلبه بالقسوة زارها؛ حتى يجدد العهد بالأموات، وحتى يلين قلبه، وحتى يدعو لهم، وليس لذلك حد محدود ولا يوم محدد.