شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
218211 مشاهدة print word pdf
line-top
تبييت النية لصيام الفرض

ويجب تبييت النية لصيام الفرض،


قوله: (ويجب تبييت النية لصيام الفرض ):
فقد ورد حديث عن حفصة رضي الله عنها قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- من لم يبيت الصيام من الليل، فلا صيام له .
والصحيح أنه يكفي أن يقوم للسحور، فقيامه للسحور نية، وقيل أيضا: يكفي لرمضان نية واحدة؛ لأن المسلم ما دام مقيما وسليما فإنه لا يظن به أن يترك الصوم، فهو قد نوى، ولو لم يقل: إني نويت، فيكفي أنه عازم على الصيام.
وأنت في رمضان لو جاءك إنسان يعرف أنك مقيم، وأنك بالغ عاقل قادر، وقال لك: أتصوم غدا؟ استنكرت ذلك، لأنه يشك في صومك وأنت مسلم بالغ عاقل؛ وهل أحد يفطر في رمضان بلا عذر؟! فهذا دليل على أن الإنسان قد عزم على الصيام، فلا حاجة إلى أن يحرك قلبه بالنية، ولا حاجة إلى أن يقول: نويت أن أصوم غدا، بل يكفي عزمه وتصميمه على الصوم، وعزمه على أن لا يفطر.
ويمكن أن يتصور هذا في بعض الصور: فمثلا إنسان عزم على أن يسافر غدأ، وأنه سوف يفطر، فهو قد عزم في الليل، وجمع زاده ومتاعه، ولما أصبح لم يتيسر له السفر، ففي هذه الحال قد مضى عليه جزء من نهاره وهو لم ينو الصيام، فنقول له: أمسك، ولكن اقض هذا اليوم؛ لأنك أصبحت مفطرا.
أما لو عزمت على الصوم، وقلت: سوف أصوم غدا، وإن تيسر لي أني أسافر أفطرت بعدما أفارق البلد، ففي هذه الحال يجوز لك الفطر، ويجوز لك إتمام الصوم، وذلك لأنه لا بد لصوم الفريضة من نية أول النهار إلى آخره، بخلاف النفل.

line-bottom