اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
162890 مشاهدة
من ترك ركنا من أركان الحج

والفرق بين ترك الركن في الحج، وترك الواجب: أن تارك الركن: لا يصح حجه حتى يفعله على صفته الشرعية.


من ترك ركنا من أركان الحج:
قوله: (والفرق بين ترك الركن في الحج وترك الواجب: إن تارك الركن: لا يصح حجه حتى يفعله على صفته الشرعية):
أي: إن الذي يترك ركنا من أر كان الحج التي ذكرناها فإن حجه لا يصح حتى يأتي بالركن الذي تركه.
فالذي يترك الإحرام -مثلا- لم يدخل في النسك؛ لأن الإحرام هو نية النسك، فإذا وقف بعرفة بغير إحرام لم يكن حاجا، فلا بد أن يكون محرما، والذي يحوم للحج ولكنه لا يقف بعرفة لا يتم حجه، ومعناه أنه مثلا لو بقي في مزدلفة، أو بقي في منى يوم عرفة، ولم يصل إلى عرفة، ولم يقف فيها ولو قليلا يوم عرفة وليلة النحر، لم يتم حجه، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- الحج عرفة بمعنى: إن معظم الحج وركن الحج الذي يفوت هو يوم عرفة.
* وأما البقية فإنها لا تفوت، فالطواف بالبيت الذي هو طواف الزيارة أو طواف الإفاضة ركن، ولكنه لا يفوت، فإن طافه يوم العيد فهو أفضل، وإن طافه في أيام التشريق جاز، وإن طافه بعد ذلك ولو في اليوم الخامس عشر أو العشرين أدرك ذلك.
* والسعي أيضا ركن على القول الصحيح، ومع ذلك لا يفوت، فيمكن إدراكه، ومحله بعد الطواف، أي: لا بد أن يكون السعي بعد الطواف المشروع، وهذا هو القول الراجح، والصحيح أيضا أنه لا يجوز أن يقدم على الطواف إلا إذا كان من فعل ذلك ناسيا أو جاهلا فسعى قبل الطواف فإن ذلك يجزئه؛ للحديث الذي ورد أن رجلا قال للرسول -صلى الله عليه وسلم- لم أشعر فسعيت قبل أن أطوف، فقال: لاحرج .
وجمهور الصحابة اتبعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- في تقديمه الطواف على السعي في الحج وفي العمرة، فبدأ بالطواف فلما كمله أتى بعده بالسعي، قالوا: لأن الطواف هو الأصل، وهو الذي أكثر الله من ذكره، قال تعالى: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 29] وقال: أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ [البقرة: 125] وقال: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ [الحج: 26] وتحية مكة الطواف بالبيت فيبدأ به، فإن أخذ برأي من يرى تقديم السعي وهو عارف بأنه لا يقدم إنه يعيد السعي بعد الطواف.