القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
257924 مشاهدة print word pdf
line-top
الاستنجاء بروث وعظم

قوله: [ويحرم بروث وعظم ] لحديث سلمان المتقدم.
[وطعام ولو لبهيمة] لحديث ابن مسعود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام، فإنه زاد إخوانكم من الجن رواه مسلم علل النهي بكونه زادا للجن، فزادنا وزاد دوابنا أولى لأنه أعظم حرمة.
[فإن فعل لم يجزه بعد ذلك إلا الماء[ ؛ لأن الاستجمار رخصة، فلا تستباح بالمحرم، كسائر الرخص، قاله في الكافي .
[كما لو تعدى الخارج موضع العادة] فلا يجزئ إلا الماء لأن الاستجمار في المعتاد رخصة للمشقة في غسله لتكرار النجاسة فيه، بخلاف غيره.


الشرح: الأصل إباحة ذلك في الأشياء كلها إلا ما استثني، وقد استثنى من ذلك ثلاثة أشياء:
1- أما العظم فقد علل بأنه طعام الجن، وقيس عليه طعام الإنس كاللحم، والخبز، ونحو ذلك، فهو أشد حرمة.
2- وأما الروث فلأنه طعام دواب الجن، وقيس عليه علف دواب الإنس، كالحشيش ونحوه، فإنه أشد حرمة.
وقوله: (وطعام ولو لبهيمة) هذا من باب القياس على طعام الجن، حيث يلحق به طعام الإنس من باب أولى، وهكذا علف دوابهم حقه به علف دواب الإنس، كالحشيش ونحوه.
يعني لو تمنح بعظم، أو بروث، أو بطعام ولو لبهيمة فإنه قد استعمل شيئا حراما، والاستنجاء رخصة، والرخص لا تستباح بالمحرم، فيلزم من هذا أن يغسل المحل بالماء كما لو تنجس غير المحل، فإنه لا يجزئ فيه إلا الماء.
فلو مثلا أن الغائط نزل على الفخذ، والبول نزل على الساق، فلا يجزئ فيه إلا الماء، وكذلك لو انتشر الغائط إلى الصفحتين، أو البول إلى الحشفة، فإنه لا يجزئ فيه إلا الماء.
فالاستجمار بالحجارة يكتفى به إذا لم يتجاوز النجس موضع العادة، وقد رخص في الحجارة؛ لأن النجاسة يتكرر خروجها، فمن باب التخفيف والرخصة اكتفي بالمسح بالحجارة، أما ما ليس معتادا لنزول النجاسات عليه فلا يكفي فيه المسح، وإنما لا بد من الماء.

line-bottom