شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
شفاء العليل شرح منار السبيل
223063 مشاهدة
الموالاة

قوله: [والموالاة] لحديث خالد بن معدان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدميه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء رواه أحمد وأبو داود وزاد والصلاة ولو لم تجب الموالاة لأمره بغسل اللمعة فقط.


الشرح: الفرض السادس من فروض الوضوء: الموالاة وهي عبارة عن الإتيان بجميع الطهارة في زمن متصل عادة دون تفريق كثير، ودليل ذلك قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وجواب الشرط وهو فاغسلوا يكون متتابعا لا يتأخر، ولأنه -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، فلو لم تكن الموالاة فرضا لاكتفى -صلى الله عليه وسلم- بأمره بإعادة غسل الرجلين دون غيرها من أعضاء الوضوء.
وحقيقة الموالاة أن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله، فلا يؤخر غسل اليدين مثلا حتى يجف وجهه، أو يؤخر مسح الرأس حتى تجف اليدان، أو يؤخر غسل الرجلين حتى يجف الرأس، بل يوالي بين وضوئه.
والعبرة في ذلك بالزمن المعتدل احترازا من زمن الشتاء والرطوبة الذي يتأخر فيه جفاف الأعضاء، وزمن الحر والريح الذي يسرع فيه جفافها.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الموالاة سنة وليست بفرض؛ لأن الله قد أمر بغسل الأعضاء، وهذا يحصل بالتوالي وبالتفريق.
والصواب أن الموالاة فرض من فروض الوضوء- لما سبق من الأدلة- ولكنها تسقط إذا اشتغل الإنسان بأمر يتعلق بالطهارة، فمثلا لو كان في أحد أعضاء المتوضئ حائل يمنع وصول الماء إليه فاشتغل بإزالته حتى نشف العضو السابق، فإن هذا لا يضره ولا يمنع الموالاة؛ لأنه قد اشتغل بأمر يتعلق بالطهارة، أما إذا فاتت الموالاة بأمر لا يتعلق بالطهارة فإنه يعيد وضوءه من جديد.