إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
314687 مشاهدة print word pdf
line-top
نقض الشعر للغسل من الحيض والنفاس

قوله: [ويجب نقضه في الحيض والنفاس] لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة انقضي شعرك واغتسلي رواه ابن ماجه بإسناد صحيح . وأكثر العلماء على الاستحباب؛ لأن في بعض ألفاظ حديث أم سلمة أفأنقضه للحيضة؟ قال: لا رواه مسلم وحديث عائشة ليس فيه حجة للوجوب؛ لأنه ليس في غسل الحيض إنما هو في حال الحيض للإحرام، ولو ثبت الأمر بنقضه لحمل على الاستحباب، جمعا بين الحديثين، قاله في الشرح .
[لا الجنابة] لقول أم سلمة قلت: يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال: لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين رواه مسلم .


الشرح: بعد أن ذكر أهمية غسل البشرة، ومنها ما تحت الشعر؛ لأن تحت كل شعرة جنابة، كان من تمام الغسل والتنقية نقض الشعر إذا كان مضفورا حتى يتحقق من وصول الماء إلى باطن الشعر، وما تحته من البشرة، وحيث أن الحيض والنفاس لا يتكرر، وإنما يقع غالبا كل شهر، أو كل سنة، أو أكثر في الناس، استحب نقض الشعر للغسل من الحيض والنفاس، ولأن الغالب أن بعد مدة الحيض التي هي سبعة أيام أو نحوها يحتاج إلى نقضه، وتنظيف ما بداخله، وتجديد ضفره، حيث أن المرأة غالبا تجدد مشط رأسها وضفره كل أسبوع، فكان نقضه لغسل الحيض متأكدا، ويؤيده قوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة لما حاضت وهي محرمة بالعمرة انقضى رأسك، وامتشطي، وأهلي بالحج وفي لفظ انتقضي شعرك واغتسلي .
فأما رواية مسلم لحديث أم سلمة بلفظ أفأنقضه لغسل الجنابة والحيضة فإن ذكر الحيضة شاذ، حيث لم يذكرها الرواة، سوى عبد الرزاق في غير مصنفة.
فأما عدم نقضه للجنابة فلا خلاف فيه كما في حديث أم سلمة الذي ذكره الشارح، ولأن الجنابة تتكرر، فيشق نقضه لكل اغتسال، فيكتفى بصب الماء عليه ثلاثا مع الدلك، والمبالغة في الغسل، حتى يتحقق وصول الماء إلى البشرة.

line-bottom