شفاء العليل شرح منار السبيل
الختان
قوله: [والختان واجب على الذكر والأنثى] لأنه من ملة إبراهيم اسم> -عليه السلام- وفي الحديث رسم> اختتن إبراهيم بعدما أتت عليه ثمانون سنة متن_ح> رسم> متفق عليه حديث> وقد قال تعالى رسم> ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا قرآن> رسم> وقال -صلى الله عليه وسلم- لرجل أسلم: رسم> ألق عنك شعر الكفر واختتن متن_ح> رسم> رواه أبو داود حديث> . وفي قوله -صلى الله عليه وسلم- رسم> إذا التقى الختانان وجب الغسل متن_ح> رسم> دليل على أن النساء كن يختتن، وقال أحمد اسم> كان ابن عباس اسم> يشدد في أمره حتى قد روي عنه أنه لا حج له ولا صلاة.
[عند البلوغ وقبله أفضل] لأنه أقرب إلى البرء، ولأنه قبل ذلك ليس مكلفا. ونقل في الفروع عن الشيخ تقي الدين اسم> أنه قال: يجب إذا وجبت الطهارة والصلاة .
الشرح: الختان بالنسبة للذكر هو قطع الجلدة التي فوق الحشفة، تسمى القلفة، أو الغرلة، وبالنسبة للأنثى هو قطع لحمة زائدة فوق محال الإيلاج، قال الفقهاء- رحمهم الله- بأنها تشبه عرف الديك، وسبب الختان للرجال هو تكميل الطهارة حتى لا يبقى في القلفة شيء من بول نجس، وربما تقاطر على ثوبه، فشرع قطعها لتمام الطهارة، وأول من سن الختان إبراهيم اسم> -عليه السلام- كما، روى ذلك البخاري، المذهب أنه واجب على الرجال عند البلوغ؛ لأنه قبله لم يكن مكلفا، ولقول ابن عباس اسم> رسم> كانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك متن_ح> رسم> رواه البخاري حديث> قال شيخ الإسلام: (يجب إذا وجبت الطهارة والصلاة).
وأما إذا خاف على نفسه من الختان فإن وجوبه يسقط عنه، وذلك كأن يسلم من هو كبير السن- مثلا- ويكون إسلامه في زمن الشتاء فيخشى إذا اختتن أن يتسمم الجرح، فله تأخير الختان إلى وقت مناسب.
ومثله من كان في بلاد شديدة البرد أو الحر أو الرطوبة فيخشى أن يتأخر برء الجرح إذا اختتن، فله تأخير الاختتان إلى الوقت المناسب.
وأدلة وجوب الختان قد ذكر الشارح شيئا منها، ومن ذلك حديث رسم> من أسلم فليختتن رسم> قال الزهري اسم> (كان الرجل إذا أسلم أمر بالاختتان) .
ومنها أن الاختتان تكشف له العورة، فلو لم يكن واجبا لم يجز كشفها له.
ومنها أنه ميزة بين المسلمين والنصارى حيث كان المسلم يعرف بالختان، بخلاف الكافر النصراني الذي لا يختتن.
ومنها أن الختان قطع شيء من بدن الإنسان وهذا لا يجوز ومحرم، والحرام لا يباح إلا بالواجب.
ومنها أنه يقوم به ولي اليتيم، وهو اعتداء عليه وعلى ماله؛ لأنه سيعطي الخاتن أجره من مال اليتيم، فلو لم يكن واجبا لما جاز هذا
الفعل والاعتداء منه على ماله وبدنه.
وقيل: الختان واجب على الرجال سنة للنساء رأس> - وهو رواية في المذهب- لقوله -صلى الله عليه وسلم- رسم> الختان سنة للرجال مكرمة للنساء متن_ح> رسم> ؛ ولأنه يتوصل به إلى كمال الطهارة، ولاتفاق المسلمين عليه في حق الرجل، وأما النساء فغاية فائدته أنه يقلل من غلمتها أي شهوتها، وهذا طلب كمال، وليس من باب إزالة الأذى.
وذهب مالك اسم> و أبو حنيفة اسم> إلى أنه سنة في حق الرجل والمرأة واحتجوا بحديث رسم> الفطرة عشرة: المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وتقليم الأظافر وغسل البراجم ونتف الإبط والانتضاح بالماء والختان والاستحداد متن_ح> رسم> قالوا: فلو لم يكن سنة لما ذكر مع هذه السنن.
والجواب عن هذا أن نقول بأن هذا غير ممتنع، وهو أن يذكر الواجب بين السنن، فقد يقترن المختلفان، كما في قوله تعالى: رسم> كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ قرآن> رسم> والأكل مباح، والإيتاء واجب، ونظائر هذا كثير في الكتاب والسنة.
فالصواب في هذه المسألة أن الختان واجب على الرجال وسنة للنساء، وأنه يستحب فعله في الصغر لأنه أسرع برء، ولينشأ المولود على أكمل الأحوال، قال مكحول: (ختن إبراهيم اسم> - عليه السلام- ابنه إسحاق اسم> لسبعة أيام) ولا توقيت في ذلك، فمتى اختتن قبل البلوغ كان مصيبا.
مسألة>