إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
299865 مشاهدة print word pdf
line-top
علامات الطهر من الحيض

قوله: [وانقطاع الدم: بأن لا تتغير قطنة احتشت بها في زمن الحيض طهر] والصفرة والكدرة في زمن الحيض حيض، لما روى مالك عن علقمة عن أمه أن النساء كن يرسلن بالدرجة فيها الشيء من الصفرة إلى عائشة فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء قال مالك و أحمد هو ماء أبيض يتبع الحيضة. وفي زمن الطهر طهر لا تعتد به، نص عليه، لقول أم عطية كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا رواه أبو داود .


الشرح: الطهر من الحيض معروف عند النساء، فإن الحيض له علامات والطهر له علامات فتارة يعرف الطهر بتوقف الدم المعروف عن الخروج، بحيث تحس المرأة بانقطاعه، أو تحتشي بقطنة فتخرج بيضاء نقية من الدم، فتعرف بذلك أنها طهرت، وتارة يعرف الطهر بانقطاع آلام الحيض وآثاره، فإن الكثير من النساء تعرف إقبال الحيض وإدباره بما تحسه من آلام داخلية، تعرف بها وجوده وعدمه، وإن كان هذا ليس عاما لكل النساء لكنه معروف عند الكثير، فبه يعرف بقاء الحيضة أو انتهاؤها، وتارة يعرف الطهر بخروج القصة البيضاء، لهذا الأثر الذي رواه مالك في باب طهر الحائض، عن علقمة عن أمه واسمها مرجانة مولاة عائشة قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيض، يسألنها عن الصلاة إلخ، وقد ذكر هذا الأثر البخاري -رحمه الله- في باب إقبال الحيض وإدباره، معلقا، وقد فسرت القصة البيضاء بأنها القطنة إذا خرجت بيضاء بعد الاحتشاء بها، كما فسرت بأنها ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض، كما ذكره الشارح عن أحمد و مالك ونقله الحافظ في الفتح، وأصل القصة النورة، أو الجص الذي تشيد به الحيطان، شبه هذا الماء به لبياضه وصفائه، قال مالك سألت النساء عن القصة البيضاء فإذا هو أمر معلوم عندهن يرينه عند الطهر، لكن كثرا من النساء لا يعرفن هذه القصة، فيكتفين بعلامات الطهر الأخرى.
أما الصفرة والكدرة التي تراها النساء فإن كانت في زمن العادة وقبل انتهاء مدتها فهي حيض، لها أحكامه كلها، وإن وجدت الصفرة والكدرة بعد الطهر، فإنها لا تعد شيئا، وتكون كدم العرق والاستحاضة، ودليل ذلك قول أم عطية الذي ذكره الشارح، فهو نص فيما بعد الطهر، مفهومه أنهما قبل الطهر يعدان من الحيض، وعلى هذا فإنهما بعد الطهر يعتبران حدثا دائما تتوضأ معه المرأة لكل صلاة، وتعصب فرجها وتصلي بقية الوقت فروضا ونوافل، كما تفعل مع دم الاستحاضة، وتحرص على أن لا يصيب الثوب أو المصلى.

line-bottom