إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شفاء العليل شرح منار السبيل
223243 مشاهدة
أن يكون مباحا

قوله: [وإباحتهما] فلا يجوز المسح على المغصوب ونحوه، ولا الحرير لرجل؛ لأن لبسه معصية، فلا تستباح به الرخصة.


الشرح: هذا هو الشرط الخامس من شروط المسح على الخفين وهو: إباحتهما، فإذا كان الخف أو الجورب مغصوبا، أو كان محرما صح: كالحرير على الرجل، فإنه لا يمسح عليه.
فالذي اغتصب خفا مثلا وأراد المسح عليه، نقول له: حرام عليك لبسه، وحرام عليك استعماله، فكيف تستعمله في عبادة؟ وكيف تستعمل فيها الرخصة؟ وكذلك الذي لبس خفا أو جوربا من حرير، نقول له: حرام عليك لبسه؛ لأنه محرم على الرجال، ومادام كذلك فحرام عليك أن تستعمله في رخص الشرع.
أما إذا كان الخف مباحا حلالا، ومن كسب طيب، فإن المسح عليه أفضل- كما تقدم- ويدخل هذا في عموم قوله -صلى الله عليه وسلم- إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته .
كذلك لا يمسح على الخفين في السفر إذا كان سفر معصية إلا يوما وليلة كالمقيم، وذلك لأن الرخص الشرعية إنما تستباح لأهل الطاعة، فلا ترخص لأهل المعصية أن يتوسعوا برخص الله تعالى في معصيتهم.
ويستدل العلماء على أنه لا تستباح الرخص، كالمسح على الخفين في سفر المعصية بقوله تعالى في أكل الميتة: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فقد أباح الله أكل الميتة لمن لم يبغ أو يتعدى، كقاطع الطريق، ونحوه.
فدل هذا على أن الرخص لا تباح إلا لمن لم يكن عاصيا.
هكذا استدلوا.
قد يقال: المسافر سفر معصية إذا اضطر لأكل الميتة.... ألا يأكل منها؟
فنقول: إذا أكل فإن أكله لا يكون حلالا كغيره ممن سافر سفرا مباحا، بل يكون أكله محرما، وهو قد جمع بين محرمين: سفر المعصية، والأكل المحرم.
وعلى كل، فأكله خير من موته.
والمقصود بسفر المعصية: السفر الذي ينشئه الإنسان لأجل المعصية، كأن يسافر لأجل الزنا، أو لأجل السرقة، أو لأجل قطع الطريق، أو لأجل زيارة قبور الأولياء، والعكوف عندها، ونحو ذلك.
أما إذا سافر قاصدا السفر المباح، ثم عمل معصية، فهذا لا يقال عنه: سفر معصية، بل يقال: سفر فيه معصية.
ويرى شيخ الإسلام أن رخص السفر عامة تباح له، وأنه لا تنافي بين كون المسافر يأثم من جهة، ويباح له هذا الأمر- وهو الترخص- من جهة أخرى؛ لأن المسافر قد يتعبد وإن كان عاصيا .
قد تقول: وهل العاصي في سفره سيفكر بالطاعات.. فضلا عن الرخص؟
نقول: هذا يكون كثيرا، حيث يجمع المسافر بين معصية وطاعة.
ومن ذلك أن بعض المشايخ ذكر لي أن جماعة من قطاع الطرق من البوادي ويسمون (الحنشل) سلبوهم وهم حجاج، وأخذوا أمتعتهم وأموالهم، فلما دخل وقت الصلاة صلوها في وقتها، فقال لهم أحد المشايخ: كيف تسلبونا متاعنا ونحن حجاج، ثم تقيمون الصلاة؟
فقال له أحدهم: وهل تريد أن نجمع بين معصيتين: نترك الصلاة، ونسرقكم؟!!