عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شفاء العليل شرح منار السبيل
197146 مشاهدة
استصحاب ذكر النية إلى آخر الوضوء

قوله: [واستصحاب ذكر النية إلى آخر الوضوء] لتكون أفعاله مقرونة بالنية.
[والإتيان بها عند غسل الكفين] لأنه أول مسنونات الطهارة.
[والنطق بها سرا] كذا قال تبعة للمنقح وغيره، ورده عليه الحجاوي بأنه لم يرد فيه حدهما، فكيف يدعي سنيته؟! بل هو بدعة، وكذا قال الشيخ تقي الدين في الفتاوى المصرية: التلفظ بالنية بدعة.


الشرح: عرفنا فيما مضى أن النية شرط من شروط الوضوء فلا يتم الوضوء إلا إذا نواه، أما إذا نوى بغسله لأعضائه التبرد أو التنظف لم يصح وضؤه، لقوله -صلى الله عليه وسلم- إنما الأعمال بالنيات وعرفنا أن النية تلازم الإنسان في كل أعماله، وهي عزم القلب على فعل الشيء، فالإنسان الذي يذهب للوضوء يكون قلبه عازما على هذا الوضوء من حين ذهابه إلى مكان الوضوء، وقد تشدد بعضهم في النية كثيرا حتى أداهم ذلك إلى الوسوسة، فتجد أحدهم إذا غسل وجهه مثلا أعاد وضوءه من جديد وقال: لم أنو الوضوء! فإذا غسل يديه أعاد وضوءه مدعيا أنه لم ينو النية الصحيحة، وهكذا، والذي أداه إلى هذا أنه يعتقد أنه يلزم في النية استحضارها عند الوضوء، وهذا ليس بلازم؛ لأنه لا حاجة إلى استحضارها وترديدها في القلب كل حين؛ لأنه من حين توجهه إلى الوضوء وهو قد نوى أن يتوضأ لصلاته.
وقول المؤلف: ( واستصحاب ذكر النية إلى آخر الوضوء ) أي أن يكون متذكرا للنية إلى أن ينتهي من وضوئه، وهذا ليس بلازم- كما سبق-؛ لأنه وإن غفل عن النية حال وضوئه فإنه قد نواها حال شروعه في هذا الوضوء، ولو ذكرته حال الوضوء لبين لك أنه قد نوى الوضوء للصلاة لا غير ذلك، فاستصحاب ذكرها سنة وليس بلازم.
وأما استصحاب حكمها فإنه واجب، وهو أن لا ينوي قطعها حتى تتم الطهارة؛ لأنه لو نوى قطعها أثناء الوضوء انقطعت فلم يجزئه وضؤه.
مثلا: توضأ إنسان فلما بلغ غسل الرجلين قطع النية ونوى بغسله للرجلين التبرد أو تنظيفهما من الأوساخ، ففي هذه الحالة ينقطع حكم النية، فلا يجزئه وضؤه ذلك، بل يعيده من جديد بنية جديدة.
وأما محل النية فهو عند أول مسنونات الوضوء وهو غسل الكفين- كما علمنا- ومعنى هذا أن يحرك قلبه بالنية حال بدء الوضوء، وهذا ليس بلازم- كما سبق-.
وأما قول المؤلف (والنطق بها سرا) فهذا لم يدل عليه دليل بل هو من البدع المحدثة كما قال شيخ الإسلام وغيره، ويدل لذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لم يكونوا ينطقون بها إطلاقا، ولم ينقل عنهم ذلك، فلو كان النطق مشروعا لبينه الله على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-.