لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
299226 مشاهدة print word pdf
line-top
استصحاب ذكر النية إلى آخر الوضوء

قوله: [واستصحاب ذكر النية إلى آخر الوضوء] لتكون أفعاله مقرونة بالنية.
[والإتيان بها عند غسل الكفين] لأنه أول مسنونات الطهارة.
[والنطق بها سرا] كذا قال تبعة للمنقح وغيره، ورده عليه الحجاوي بأنه لم يرد فيه حدهما، فكيف يدعي سنيته؟! بل هو بدعة، وكذا قال الشيخ تقي الدين في الفتاوى المصرية: التلفظ بالنية بدعة.


الشرح: عرفنا فيما مضى أن النية شرط من شروط الوضوء فلا يتم الوضوء إلا إذا نواه، أما إذا نوى بغسله لأعضائه التبرد أو التنظف لم يصح وضؤه، لقوله -صلى الله عليه وسلم- إنما الأعمال بالنيات وعرفنا أن النية تلازم الإنسان في كل أعماله، وهي عزم القلب على فعل الشيء، فالإنسان الذي يذهب للوضوء يكون قلبه عازما على هذا الوضوء من حين ذهابه إلى مكان الوضوء، وقد تشدد بعضهم في النية كثيرا حتى أداهم ذلك إلى الوسوسة، فتجد أحدهم إذا غسل وجهه مثلا أعاد وضوءه من جديد وقال: لم أنو الوضوء! فإذا غسل يديه أعاد وضوءه مدعيا أنه لم ينو النية الصحيحة، وهكذا، والذي أداه إلى هذا أنه يعتقد أنه يلزم في النية استحضارها عند الوضوء، وهذا ليس بلازم؛ لأنه لا حاجة إلى استحضارها وترديدها في القلب كل حين؛ لأنه من حين توجهه إلى الوضوء وهو قد نوى أن يتوضأ لصلاته.
وقول المؤلف: ( واستصحاب ذكر النية إلى آخر الوضوء ) أي أن يكون متذكرا للنية إلى أن ينتهي من وضوئه، وهذا ليس بلازم- كما سبق-؛ لأنه وإن غفل عن النية حال وضوئه فإنه قد نواها حال شروعه في هذا الوضوء، ولو ذكرته حال الوضوء لبين لك أنه قد نوى الوضوء للصلاة لا غير ذلك، فاستصحاب ذكرها سنة وليس بلازم.
وأما استصحاب حكمها فإنه واجب، وهو أن لا ينوي قطعها حتى تتم الطهارة؛ لأنه لو نوى قطعها أثناء الوضوء انقطعت فلم يجزئه وضؤه.
مثلا: توضأ إنسان فلما بلغ غسل الرجلين قطع النية ونوى بغسله للرجلين التبرد أو تنظيفهما من الأوساخ، ففي هذه الحالة ينقطع حكم النية، فلا يجزئه وضؤه ذلك، بل يعيده من جديد بنية جديدة.
وأما محل النية فهو عند أول مسنونات الوضوء وهو غسل الكفين- كما علمنا- ومعنى هذا أن يحرك قلبه بالنية حال بدء الوضوء، وهذا ليس بلازم- كما سبق-.
وأما قول المؤلف (والنطق بها سرا) فهذا لم يدل عليه دليل بل هو من البدع المحدثة كما قال شيخ الإسلام وغيره، ويدل لذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لم يكونوا ينطقون بها إطلاقا، ولم ينقل عنهم ذلك، فلو كان النطق مشروعا لبينه الله على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

line-bottom