الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
299847 مشاهدة print word pdf
line-top
انتقال المني


قوله: [باب ما يوجب الغسل وهو سبعة، أحدها انتقال المني، فلو أحس بانتقاله فحبسه فلم يخرج وجب الغسل] لوجود الشهوة بانتقاله أشبه ما لو ظهر.
[فلو اغتسل له ثم خرج بلا لذة لم يعد الغسل] لأنها جنابة واحدة فلا توجب غسلين.


الشرح: لما فرغ المؤلف من الوضوء وهو ما يرفع الحدث الأصغر ذكر في هذا الباب ما يرفع الحدث الأكبر وهو (الغسل)، فبين- كما يأتي- ما يوجب الغسل وما يسن له، وصفة الغسل الكامل، وصفة الغسل المجزئ، وما يمنع الجنب منه، وغير ذلك.
والغسل بضم العين هو الاغتسال، وهو سيلان الماء على جميع البدن بوجه مخصوص- كما سيأتي- إلا ما يتعذر إيصال الماء إليه، والحكمة في هذا أن الجنابة تحل جميع البدن فلزم غسله كله، والأصل فيه قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وما جاء من الأحاديث الكثيرة فيه.
وقد ذكر السهيلي وغيره أن الغسل من الجنابة كان معمولا به في الجاهلية من بقايا دين إبراهيم -عليه السلام- كما بقي فيهم الحج والنكاح؛ ولذا عرفوه من قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ولم يحتاجوا إلى تفسيره.
وموجبات الغسل سبعة أشياء ذكرها المؤلف على التوالي، وهي:
أولا: انتقال المني وتهيئة للخروج ولو لم يخرج؛ لأن الرجل إذا قويت شهوته، أو كرر النظر أو الفكر، أو قبل، أو لمس، أو غير ذلك من مهيجات الشهوة، فإنه يحس بانتقال المني من صلبه وتهيئه للخروج، وهذا يوجب الغسل عليه سواء كان في اليقظة أو المنام.
أما في اليقظة فواضح.
وأما في المنام بأن يشعر باحتلام ثم إنه من شدة الشهوة توجه
المني إلى الخروج فاستيقظ قبل أن يخرج، فإن هذا يوجب الغسل ولو لم يخرج، والعادة أنه يخرج بعد حين، وبالأخص في النوم.
وقال بعضهم: لو اغتسل الإنسان ثم أكمل نومه فخرج منه المني فإنه لا يغتسل له؛ لأنه قد اغتسل لانتقاله وتهيئه للخروج، والمنى الواحد لا يوجب الغسلين، والصواب أنه يغتسل لتهيئة للخروج، ويغتسل لخروجه.
أما في اليقظة فإنه يكفي غسل واحد لانتقال المني وتهيئه للخروج، فإن خرج بعد ذلك لم يضره.
والسبب أن خروجه في المنام قد يكون سببه احتلاما آخر غير الاحتلام الأول، وأما في اليقظة فإنه يعلم من نفسه أن سبب انتقاله واحد.
هذا إذا خرج في اليقظة بلا دفق، أما إذا خرج بدفق فإنه يغتسل له لأنه قد خالطه مني آخر غيره.
فالحاصل أن انتقال المني في اليقظة له ثلاث حالات:
1- أن ينتقل في اليقظة، ثم يخرج بعد اغتسال الإنسان فحينئذ لا يعيد غسله.
2- أن ينتقل في اليقظة، ثم يخرج بعد الاغتسال بدفق فإنه حينئذ يعيد غسله.
3- أن ينتقل في اليقظة، ثم ينام الإنسان بعد اغتساله فيخرج منه المني في منامه فإنه يغتسل له.
والاغتسال قد شرع لأجل تقوية البدن بعد أن أضعفه المني فيعيد الاغتسال نشاطه، ويجعله يكافح ذلك التعب الطارئ، وانتقال المني كخروجه؛ لأنه قد انتقل من البدن كله وتهيأ للخروج، فلهذا شرع له الغسل.

line-bottom