قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
257569 مشاهدة print word pdf
line-top
لبث الحائض في المسجد إذا هي توضأت واحتاجت لذلك وأمنت تلويثه

قوله: [واللبث بوضوء في المسجد] قياسا على الجنب.


الشرح: قد مر معنا أنه لا يجوز للحائض أن تلبث في المسجد وأنه يجوز لها أن تمر فيه إذا أمنت من تلويثه، ومما يجوز لها أيضا كما بين المصنف أن تلبث في المسجد إذا هي توضأت، وذلك قياسا على الجنب، فالجنب كما هو معلوم لا يجوز له أن يلبث في المسجد لقوله تعالى: وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ ولحديث لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ولأن المسجد منزل الملائكة لما فيه من الذكر، والملائكة كما جاء في الخبر لا تدخل بيتا فيه كلب ولا جنب ولا صورة ففي لبث الجنب في المسجد إيذاء للملائكة، فأما المرور فيجوز للآية السابقة وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ ولقول زيد بن أسلم كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمشون في المسجد وهم جنب .
فأما إذا توضأ الجنب فقد جاز له أن يلبث بالمسجد للآثار التي وردت عن الصحابة وأنهم كانوا يتوضئون وهم مجنبون فيجلسون في المسجد، قال عطاء رأيت رجالا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤا وضوء الصلاة وذلك لأن الوضوء يرفع الحدثين من أعضاء الوضوء، ويرفع حكم الحدث الأصغر عن سائر البدن فيخفف الحدث الأكبر، ولهذا أمر الجنب إذا أراد النوم أو الأكل بأن يتوضأ؛ لأن الوضوء يخفف من حدثه ومما يبين هذا أنه قد جاء النهي عن نوم الجنب قبل أن يتوضأ لئلا يموت فلا تشهد الملائكة جنازته فهذا يدل على أنه إذا توضأ شهدت الملائكة جنازته ودخلت المكان الذي هو فيه، فجاز له حينئذ أن يدخل المسجد بلا محذور .
فالحاصل أنه يجوز للجنب أن يلبث في المسجد بعد أن يتوضأ إذا احتاج لذلك لحضور درس، أو موعظة، أو نحو ذلك، فإن اغتسل فهو أفضل، وقياسا عليه يقال في الحائض أنه يجوز لها اللبث في المسجد إذا هي توضأت إذا احتاجت لذلك وأمنت تلويثه.

line-bottom