إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
شفاء العليل شرح منار السبيل
223204 مشاهدة
ماء لا يكره استعماله ومنه ماء البحر

قوله: [وماء لا يكره استعماله كماء البحر] لما تقدم.


الشرح: ذكر المؤلف هنا النوع الرابع من أنواع الماء الطهور، وهو ما لا يكره استعماله، وأول ذلك: ماء البحر لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن سأله عنه هو الطهور ماؤه الحل ميتته وهو حديث تلقته الأمة يالقبول، وتداوله الفقهاء في مصنفاتهم، ورواه الأئمة في كتبهم، وقد ذهب الصحابيان الجليلان عبد الله بن عمر و عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- إلى كراهية الوضوء بماء البحر، وقال: التيمم أعجب إلينا من التوضئ بماء البحر، وقال ابن عمرو هو نار، وقد روي عن ابن عمرو حديث مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: تحت البحر نار، وتحت النار بحر، حتى عد سبعة وسبعة ولكن هذا حديث ضعيف باتفاق المحدثين كما قال النووي فالصواب إذا جواز الوضوء بماء البحر للأدلة السابقة ولضعف ما يعارضها، وقد قال عمر -رضي الله عنه- (من لم يطهره ماء البحر فلا طهره الله) وماء البحر ماء باق على أصل خلقته، فهو كالماء العذب، وأما تعليلهم بأنه نار فنقول: إن أريد أنه نار الآن، فهذا خلاف الحس، لأننا لا نبصر إلا ماء، وإن أريد بأنه يصير نارا، فهذا لا يمنع الوضوء به حال كونه ماء، وقد علمنا أن الحديث الذي فيه أن ماء البحر نار حديث ضعيف بالاتفاق، والذي جاء في القرآن أن البحار تكون نارا يوم القيامة، كما في قوله تعالى: وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ وقوله: وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وهذا لا يمنع الطهارة منها حال كونها ماء في الدنيا- كما علم-.