عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
314706 مشاهدة print word pdf
line-top
غسل الوجه

قوله: [وفروضه ستة: غسل الوجه ] لقوله تعالى: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [ومنه المضمضة والاستنشاق، لحديث عثمان -رضي الله عنه- في صفة وضوئه -صلى الله عليه وسلم- وفيه فمضمض واستنثر متفق عليه .


الشرح: فروض الوضوء هي أركانه التي، يتكون منها، وركن الشيء هو جزء ماهيته، وهي تسمى فروضا لأن الله فرضها يعني ألزم بها.
وهي ستة: الأعضاء الأربعة- الوجه واليدان والرأس والرجلان- واثنان من الأوصاف وهما: الترتيب والموالاة، ثم ذكر المؤلف هذه الفروض بالتوالي، وذكر معها أدلتها.
فأولها: غسل الوجه، والوجه هو ما تحصل به المواجهة عند المقابلة، وهو أول الفروض؛ لأن الله ذكره أولا، وتحديده طولا من منابت الشعر إلى اللحيين والذقن، والمراد منابت الشعر المعتاد؛ لأن بعض الناس قد ينحسر الشعر عن مقدم رأسه فيكون (أصلع) فهذا لا عبرة به، وهكذا عكسه ما لو تدلى شعر إنسان ونبت في نصف جبهته فإنه يغسل هذا الشعر.
واللحيان هما منابت الأسنان السفلى أي العظمان اللذان فيهما الأسنان السفلى للإنسان، والتقاء اللحيين يسمى ذقنا، فالذقن هو مجمع اللحيين سواء كان فيه شعر أم لا، فكل إنسان له ذقن، والعامة يخطئون فيسمون اللحية ذقنا، وهذا خطأ، لألن اللحية هي الشعر،
والذقن هو التقاء اللحيين، سواء كان فيه شعر أم لا، وقوله تعالى: وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ معناه يخرون جهة الأذقان، أي جهة أسفل الوجه، فالذي يسجد يخر إلى تلك الجهة.
وأما اللحية فإذا كانت كثيفة- أي لا توصف البشرة من ورائها- فإنه يكتفى بغسل ظاهرها، وأما تخليل باطنها فإنه سنة- كما سيأتي إن شاء الله- فإن كانت اللحية خفيفة- أي ترى البشرة من خلالها فإنه يلزم غسل ظاهرها وباطنها.
وأما ما امتد من اللحية فهو تابع للوجه، وقد كان العرب يطلقون على اللحية: الوجه، فيقولون: نبت وجهه أي لحيته، فلهذا يغسل ظاهرها، وقد جاء في الحديث عن النبي خير ما منكم من رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء... الحديث فهذا دليل على أن اللحية داخلة في المغسول.
أما الوجه غرضا فإنه من الأذن إلى الأذن، قيل من فرعها إلى فرعها، وقيل بل من منبتها أي من أصل اليمنى إلى أصل اليسرى، وهذا هو المشهور؛ لأنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال الأذنان من الرأس فما أقبل منهما فإنه من الوجه فيغسل، وأما مؤخرها فهو من الرأس.
والصواب أنها كلها من الرأس، ولكن يستحسن أن يمر بيده عند غسل الوجه فيغسل ما أقبل من الأذن.
والمضمضة والاستنشاق تدخلان ضمن غسل الوجه، فهما واجبتان، لمحافظته -صلى الله عليه وسلم- عليهما في وضوئه كما بين ذلك من ذكر صفة وضوئه قيل، كقول عثمان -رضي الله عنه- ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنثر.. وحديث علي -رضي الله عنه- أنه دعا بوضوء فتمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى ففعل هذا ثلاثا ثم قال: هذا طهور نبي الله -صلى الله عليه وسلم- وحديث أبي هريرة أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر وقوله -رضي الله عنه- أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمضمضة والاستنشاق والأمر يقتضي الوجوب، وغير هذا من الأحاديث الكثيرة الدالة على وجوب المضمضة والاستنشاق في الوضوء.
والمضمضة هي تحريك الماء في داخل الفم، ودلك الفم وتنظيفه بأصبعه ونحوه.
والاستنشاق هو اجتذاب الماء بالأنف بقوة، وأما إخراجه من الأنف بالنفس فيسمى استنثارا لأنه ينثر الماء به، والحكمة من الاستنشاق تنظيف الأنف مما يتحلل مند، فيدخل الإنسان في الصلاة وهو نظيف، فالمضمضة والاستنشاق من فروض الوضوء لكنهما غير مستقلين، بل داخلان ضمن فرض الوجه، وأما المبالغة فيهما فإنها سنة- كما سيأتي إن شاء الله-.

line-bottom