شفاء العليل شرح منار السبيل
غسل الوجه
قوله: [وفروضه ستة: غسل الوجه ] لقوله تعالى: رسم> إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ قرآن> رسم> [ومنه المضمضة والاستنشاق، لحديث عثمان اسم> -رضي الله عنه- في صفة وضوئه -صلى الله عليه وسلم- وفيه رسم> فمضمض واستنثر متن_ح> رسم> متفق عليه حديث> .
الشرح: فروض الوضوء رأس> هي أركانه التي، يتكون منها، وركن الشيء هو جزء ماهيته، وهي تسمى فروضا لأن الله فرضها يعني ألزم بها.
وهي ستة: الأعضاء الأربعة- الوجه واليدان والرأس والرجلان- واثنان من الأوصاف وهما: الترتيب والموالاة، ثم ذكر المؤلف هذه الفروض بالتوالي، وذكر معها أدلتها.
فأولها: غسل الوجه، والوجه هو ما تحصل به المواجهة عند المقابلة، وهو أول الفروض؛ لأن الله ذكره أولا، وتحديده طولا من منابت الشعر إلى اللحيين والذقن، والمراد منابت الشعر المعتاد؛ لأن بعض الناس قد ينحسر الشعر عن مقدم رأسه فيكون (أصلع) فهذا لا عبرة به، وهكذا عكسه ما لو تدلى شعر إنسان ونبت في نصف جبهته فإنه يغسل هذا الشعر.
واللحيان هما منابت الأسنان السفلى أي العظمان اللذان فيهما الأسنان السفلى للإنسان، والتقاء اللحيين يسمى ذقنا، فالذقن هو مجمع اللحيين سواء كان فيه شعر أم لا، فكل إنسان له ذقن، والعامة يخطئون فيسمون اللحية ذقنا، وهذا خطأ، لألن اللحية هي الشعر،
والذقن هو التقاء اللحيين، سواء كان فيه شعر أم لا، وقوله تعالى: رسم> وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ قرآن> رسم> معناه يخرون جهة الأذقان، أي جهة أسفل الوجه، فالذي يسجد يخر إلى تلك الجهة.
وأما اللحية فإذا كانت كثيفة- أي لا توصف البشرة من ورائها- فإنه يكتفى بغسل ظاهرها، وأما تخليل باطنها فإنه سنة- كما سيأتي إن شاء الله- فإن كانت اللحية خفيفة- أي ترى البشرة من خلالها فإنه يلزم غسل ظاهرها وباطنها.
وأما ما امتد من اللحية فهو تابع للوجه، وقد كان العرب يطلقون على اللحية: الوجه، فيقولون: نبت وجهه أي لحيته، فلهذا يغسل ظاهرها، وقد جاء في الحديث عن النبي خير رسم> ما منكم من رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء... الحديث متن_ح> رسم> فهذا دليل على أن اللحية داخلة في المغسول.
أما الوجه غرضا فإنه من الأذن إلى الأذن، قيل من فرعها إلى فرعها، وقيل بل من منبتها أي من أصل اليمنى إلى أصل اليسرى، وهذا هو المشهور؛ لأنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال رسم> الأذنان من الرأس متن_ح> رسم> فما أقبل منهما فإنه من الوجه فيغسل، وأما مؤخرها فهو من الرأس.
والصواب أنها كلها من الرأس، ولكن يستحسن أن يمر بيده عند غسل الوجه فيغسل ما أقبل من الأذن.
والمضمضة والاستنشاق تدخلان ضمن غسل الوجه، فهما واجبتان، لمحافظته -صلى الله عليه وسلم- عليهما في وضوئه كما بين ذلك من ذكر صفة وضوئه قيل، كقول عثمان -رضي الله عنه- رسم> ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنثر.. متن_ح> رسم> وحديث علي اسم> -رضي الله عنه- رسم> أنه دعا بوضوء فتمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى ففعل هذا ثلاثا ثم قال: هذا طهور نبي الله -صلى الله عليه وسلم- متن_ح> رسم> وحديث أبي هريرة اسم> أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر متن_ح> رسم> وقوله -رضي الله عنه- رسم> أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمضمضة والاستنشاق رسم> والأمر يقتضي الوجوب، وغير هذا من الأحاديث الكثيرة الدالة على وجوب المضمضة والاستنشاق في الوضوء.
والمضمضة هي تحريك الماء في داخل الفم، ودلك الفم وتنظيفه بأصبعه ونحوه.
والاستنشاق هو اجتذاب الماء بالأنف بقوة، وأما إخراجه من الأنف بالنفس فيسمى استنثارا لأنه ينثر الماء به، والحكمة من الاستنشاق تنظيف الأنف مما يتحلل مند، فيدخل الإنسان في الصلاة وهو نظيف، فالمضمضة والاستنشاق من فروض الوضوء لكنهما غير مستقلين، بل داخلان ضمن فرض الوجه، وأما المبالغة فيهما فإنها سنة- كما سيأتي إن شاء الله-.
مسألة>