إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
شفاء العليل شرح منار السبيل
198768 مشاهدة
الشك في نجاسة الماء أو في طهارته

قوله: [وإن شك في كثرته فهو نجس ].


الشرح: أي لا يستعمله في الطهارة؛ لأنه لم يتيقن كثرته وبلوغه القلتين، ولا يضر النقص اليسير، وقد علمنا أن الصواب عدم نجاسة الماء إلا إذا تغير بالنجاسة سواء كان قليلا أم كثيرا.
أما من شك في نجاسة الماء أو في طهارته فإنه يبني على اليقين، فمثال الشك في النجاسة: أن يكون عندك ما لا تعلم نجاسته، ثم وجدت فيه روثه لا تدري أروثة بعير أم روثة حمار، ولكنك رأيت الماء قد تغير بهذه الروثة، فإنك ستشك هل هو نجس أم طاهر؛ لأنه إذا كانت الروثة روثة بعير فالماء طاهر؛ لأن روث ما يؤكل لحمه طاهر- كما سيأتينا إن شاء الله- وأما إن كانت الروثة روثة حمار فإن الماء يصبح نجسة؛ لأن روث الحمار نجس، ففي هذه الحالة تبني على اليقين، واليقين عندك أن الماء طاهر، فلك استعماله بلا حرج.
وهكذا يقال في غير الماء إذا شككت فيه، كما إذا شككت في نجاسة ثوب، فإن الأصل الطهارة حتى تعلم نجاسته بيقين.
وهكذا يقال لا الأرض التي تريد الصلاة عليها، ونحو ذلك، هذه هي الصورة الأولى، وهي إذا شككت في نجاسة الماء، وهي أنك تبني على اليقين وهو أن الماء طهور.
أما إذا كان العكس، فشككت في طهارة الماء، فإنك تبني على اليقين، وهو أن الماء نجس، حتى تعلم طهارته يقينا، وقولنا بأنك تبني على اليقين مأخوذ من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل الذي شكى إليه أنه يجد الشيء في بطنه فيشكل عليه هل خرج منه شيء أم لا، فقال -صلى الله عليه وسلم- لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا فأمره -صلى الله عليه وسلم- بالبناء على الأصل، وهو البقاء على الطهارة، والأصل في مسائلنا السابقة هو بقاء الماء على ما كان عليه، فلا ينتقل عنه إلا بدليل يقيني. ولهذا فإنه إذا مر إنسان تحت ميزاب مثلا فأصابه ماء متساقط منه، فلم يدر أهو طاهر أم نجس، فإن الأصل الطهارة، حتى ولو كان لون الماء متغيرا، قال شيخ الإسلام (لم يلزم السؤال بل يكره) ويروى أن عمر -رضي الله عنه- مر هو وصاحب له بميزاب، فأصابهم منه، فسأل صاحبه صاحب الميزاب: هل هدا نجس أم لا؟ فقال له عمر يا صاحب الميزاب لا تخبرنا.