قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
257707 مشاهدة print word pdf
line-top
الأعيان الطاهرة

قوله: [وما دونهما في الخلقة: كالحية، والفأر، والمسكر غير المائع، فطاهر]
وسؤر الهرة وما دونه في الخلقة طاهر في قول أكثر أهل العلم من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم، لحديث أبي قتادة مرفوعا وفيه فجاءت هرة، فأصغى لها الإناء حتى شربت، وقال: إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات . فدل بلفظه على نفي الكراهة عن سؤر الهر، وبتعليله على نفي الكراهة عما دونها مما يطوف علينا. قاله في الشرح .


الشرح: علل النبي -صلى الله عليه وسلم- طهارة الهر بكونه من الطوافين، أي لا يمكن التحصن والتحرز والتحفظ منه، وذلك لأنه كثيرا ما يتسلق الحيطان، ويقلب القدور والأغطية، ويشرب من الآنية، فالتحفظ والتحرز منه فيه مشقة، والمشقة تجلب التيسير، فكان هذا سببا في أنه طاهر وليس بنجس.
وألحق العلماء بالهر كل مالا يمكن التحرز منه: كالفأرة ونحوها، فإنها طاهرة، ولو كان كل ما لامسته أو شربت منه نجسا لشق ذلك على الناس، ولحصل به ضرر كبير.
كذلك ألحقوا بالهر: الحشرات التي ليس لها نفس سائلة:
كالعقرب، والحية، ونحوها؛ لأنها ليس لها دم يسيل إذا ذبحت، فإذا ماتت في الماء وغيره فإنها لا تنجسه لأنها طاهرة.
وسؤر الهر هو بقية شرابه الذي شرب منه، أو بقية طعامه الذي أكل منه، فإذا شرب الهر من ماء طاهر، فسؤره طاهر، يجوز التطهر والشرب منه، وإذا أكل الهر من طعام طاهر، فسؤره طاهر.
واختلف العلماء فيما إذا شوهدت الهرة تأكل نجاسة كالجيف ونحوها. والصحيح أن سؤرها في تلك الحال نجس؛ لأنها لامست النجاسة بريقها وفمها، فإذا لامست بعده شرابا أو طعاما فإنها تنجسه.
ولكن هل يبقى سؤرها على نجاسته تلك، أم أنه يطهر بعد ذلك؟
قال بعضهم: بأنها إذا غابت مدة بعد هذه النجاسة وطالت هذه المدة فإن فمها يطهر بلعابها.
ثم ذكر صاحب المتن أن المسكر غير المائع طاهر فقد يكون هناك شيء إذا أكل أسكر وهو جامد، ليس بمائع، فيطلق عليه خمرا لأثره، ولكنه ليس بنجس كالخمر.
والسبب في أنهم جعلوه طاهرا كونه ليس بذائب؛ لأن علة نجاسة الخمر عندهم هي ذوبانها، وسريانها، وابتلال الإناء والثوب والبدن بها.
فالخمر إذا كانت مائعة يجب أن تغسل إذا لامست البدن أو الثوب ونحوه، أما إذا جففت وصارت يابسة وبقيت على حالتها في الإسكار فإنها والحالة هذه تكون طاهرة، فإذا لامست الثوب أو البدن ونحوه فإنه لا يجب غسله.
وبكل حال: فإن الخمر- في هذه الحالة- باقية على حكمها في التحريم والخبث، فيجب إتلافها، وثمنها حرام، وأكلها حرام. ولكن ليس من لمسها كمن لمس الخمر المائعة.

line-bottom