إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شفاء العليل شرح منار السبيل
198672 مشاهدة
تعميم الماء جميع البدن

قوله: [وفرضه أن يعم الماء جميع بدنه وداخل فمه وأنفه ] لحديث ميمونة وضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضوء الجنابة فأفرغ على يديه، فغسلهما مرتين أو ثلاثة، ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض الماء على رأسه، ثم غسل جسده، فأتيته بالمنديل فلم يردها، وجعل ينفض الماء بيديه متفق عليه .


الشرح: هذا هو صفة الغسل المجزئ عند الفقهاء، وهو الاقتصار على المفروض من ذلك، وصفته أن ينوي ويسمي، ثم يعم جميع بدنه بالماء، ومن ذلك فمه وأنفه؛ لأنهما داخلان تبعة في وجهه- كما مضى في الوضوء-.
وقوله: (يعم بالماء جميع بدنه) يشمل حتى ما تحت الشعر الكثيف، فيجب غسل ما تحته بخلاف الوضوء، والشعر الكثيف هو الذي لا ترى البشرة من ورائه، والدليل على أن هذا الغسل مجزئ قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ولم يذكر الله سوى ذلك، ومن عم بدنه بالغسل مرة واحدة صدق عليه أنه قد اطهر، ولو كان الله تعالى يريد منا أن نغتسل على وجه التفصيل لبينه كما بين الوضوء، فلما أجمل ذلك علم أن الآية تصدق على تعميم البدن بالماء.
ومما يشهد لهذا حديث الرجل الذي كان جنبا فلم يصل مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما حضر الماء قال النبي -صلى الله عليه وسلم- له: خذ هذا وأفرغه عليك ولم يبين كيف يفرغه على نفسه، فلو كان الغسل واجبا كما اغتسل النبي -صلى الله عليه وسلم- لبينه له؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة في مقام البلاغ لا يجوز، فعلم بهذا أن الغسل غسلان: مجزئ وكامل، فالمجزئ هو ما سبق بيانه، والكامل هو غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- وسيأتي بيانه.