القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
شفاء العليل شرح منار السبيل
234725 مشاهدة
تعميم الماء جميع البدن

قوله: [وفرضه أن يعم الماء جميع بدنه وداخل فمه وأنفه ] لحديث ميمونة وضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضوء الجنابة فأفرغ على يديه، فغسلهما مرتين أو ثلاثة، ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض الماء على رأسه، ثم غسل جسده، فأتيته بالمنديل فلم يردها، وجعل ينفض الماء بيديه متفق عليه .


الشرح: هذا هو صفة الغسل المجزئ عند الفقهاء، وهو الاقتصار على المفروض من ذلك، وصفته أن ينوي ويسمي، ثم يعم جميع بدنه بالماء، ومن ذلك فمه وأنفه؛ لأنهما داخلان تبعة في وجهه- كما مضى في الوضوء-.
وقوله: (يعم بالماء جميع بدنه) يشمل حتى ما تحت الشعر الكثيف، فيجب غسل ما تحته بخلاف الوضوء، والشعر الكثيف هو الذي لا ترى البشرة من ورائه، والدليل على أن هذا الغسل مجزئ قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ولم يذكر الله سوى ذلك، ومن عم بدنه بالغسل مرة واحدة صدق عليه أنه قد اطهر، ولو كان الله تعالى يريد منا أن نغتسل على وجه التفصيل لبينه كما بين الوضوء، فلما أجمل ذلك علم أن الآية تصدق على تعميم البدن بالماء.
ومما يشهد لهذا حديث الرجل الذي كان جنبا فلم يصل مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما حضر الماء قال النبي -صلى الله عليه وسلم- له: خذ هذا وأفرغه عليك ولم يبين كيف يفرغه على نفسه، فلو كان الغسل واجبا كما اغتسل النبي -صلى الله عليه وسلم- لبينه له؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة في مقام البلاغ لا يجوز، فعلم بهذا أن الغسل غسلان: مجزئ وكامل، فالمجزئ هو ما سبق بيانه، والكامل هو غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- وسيأتي بيانه.