القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
257727 مشاهدة print word pdf
line-top
مس المصحف

قوله: [ومس المصحف ببشرته بلا حائل] فإن كان بحائل لم يحرم؛ لأن المس إذا للحائل. والأصل في ذلك قوله تعالى: لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ .
وفي حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى أهل اليمن كتابا وفيه: لا يمس القرآن إلا طاهر رواه الأثرم، والدارقطني متصلا واحتج به أحمد وهو لمالك في الموطأ مرسلا .


الشرح: مس المصحف للمحدث مسألة خلافية أيضا، ولكن الدليل مع من أوجب الطهارة لمس المصحف، وذلك لأن المصحف له شرفه وفضله؛ لأن فيه كلام الله، فكان من احترامه ألا يمسه إلا من تطهر من الحدثين: الأصغر والأكبر؛ لأنه سيتقرب بتلاوته، ويرجع الثواب عليها.
وقد قال تعالى لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ فهذه الآية دليل على أن المحدث لا يحل له مس المصحف؛ لأنه ليس بمتطهر وخالف في هذا الاستدلال كثير من العلماء وقالوا: ليس المراد بالآية المصحف، وإنما المراد الكتاب المكنون، وهو اللوح المحفوظ؛ لأنه أقرب مذكور في الآية، فالقرآن مضطر في اللوح المحفوظ، وذاك اللوح لا يمسسه إلا المطهرون وهم الملائكة.
وقالوا: هذا خبر وليس بأمر، أي أخبركم أنه لا يمسه إلا المطهرون.
قالوا: والدليل على هذا قوله تعالى في سورة عبس: كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ وهم الملائكة الذين يحملون تلك الصحف، أو يقومون عليها، وهي الألواح التي كتب فيها كلام الله.
وقد استنبط ابن القيم في كتاب التبيان في أقسام القرآن من الآية السابقة أنها دليل على أن القرآن لا يمسه إلا طاهر، وبين أنه إذا كان أصله لا يمسه إلا طاهر، فهكذا فرعه لا يمسه إلا طاهر، فإن الفرع له حكم الأصل.
هذا استنباط ابن القيم ونقول أيضا: إن في الآية ما يدل على ذلك؛ لأن الله قال بعد ذلك تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ والتنزيل هو هذا القرآن المنزل، وقد ذكر تعالى أنه لا يمسه إلا المطهرون، فكأنه يقوله: إن الذي ينبغي أن يمسه هو المطهر، أي المطهر من الشرك، ومن الأحداث.
ومما يدل على هذا أيضا: ما جاء في قصة إسلام عمر -رضي الله عنه- وأنه أراد أن يأخذ الصحيفة التي مع أخته وزوجها وكان فيها شيء من القرآن، فمنعته أخته من ذلك، ولم تمكنه منه حتى يتطهر، فتطهر، فمكناه من ذلك لما رأيا فيه علامة الإسلام، والإقبال عليه فهذا دليل على أنه قد اشتهر عندهم أن للقرآن حرمة حيث لا يمسه إلا الطاهر.
ومن الأدلة على هذا أيضا: حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم والذي فيه الكتاب الطويل الذي كتبه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل نجران حول أحكام الديات، والزكوات، ومما جاء فيه: أن لا يمس القرآن إلا طاهر .
وهذا الكتاب قد احتفظ به آل أبي بكر بن محمد بن حزم فأصبح مرجعا لأهل المدينة، واشتهر عندهم بحيث تكفي شهرته عن إسناده، حيث تلقاه العلماء بالقبول، ونقله الإمام مالك في موطئه، فهذا دليل على ثقته بهذا الكتاب المشهور عند أهل مدينته.
وقوله -صلى الله عليه وسلم- هذا الكتاب أن لا يمس القرآن إلا طاهر أي من الحدثين الأصغر والأكبر، وإن كان يطلق أيضا على الطهارة من الرجس، ومن الكفر؛ لأن الكفر نجس، لقوله تعالى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ .
لكن الطهارة في استعمال الشرع تنصرف إلى الطهارة من الحدث.

line-bottom