عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
شفاء العليل شرح منار السبيل
223242 مشاهدة
وطء المستحاضة

قوله: [ويحرم وطء المستحاضة ] لأنه أذى في الفرج أشبه دم الحيض .
[ولا كفارة] لعدم ثبوت أحكام الحيض فيه. وعنه يباح.
وهو قول أكثر أهل العلم، لحديث حمنة وأم حبيبة. قاله في الشرح .


الشرح: اختلفت أقوال العلماء في وطء المستحاضة .
فقال بعضهم: يحرم.
وقال بعضهم: يكره.
وقال بعضهم: يباح عند الضرورة .
وقال آخرون: يباح مطلقا بلا كراهة.
واستدل من قال بأنه يحرم بقوله تعالى: قُلْ هُوَ أَذًى ودم الحيض ودم الاستحاضة يشتركان في كون كل منهما أذى، فهما يجمعان بين القذارة والنجاسة.
والذين اختاروا الكراهة قالوا: حيث أنه مشترك مع دم الحيض في كونه دما فقد حصل الفرق، والفرق بينهما أن دم الاستحاضة تصلي المرأة فيه، وأما دم الحيض فلا تصلي فيه، وما دام أنه قد خفف عنها في هذا، وأمرت بالعبادات، فإن الوطء فيه أخف، فيكون مكروها لا حراما.
أما الذين قالوا بأنه يباح عند خوف العنت- أي الزنا- فذكروا أن الزوج قد تزوج لإحصان فرجه، فإن اجتمعت عليه أشهر متتابعة تستحيض فيها زوجته تضرر بذلك، ولم تحصل الحكمة التي شرع لأجلها الزواج، وهي إحصان الفرج، وغض البصر، فإذا هو يباح عند خوف الفتنة.
وأما الذين قالوا بأنه يباح مطلقا فاستدلوا بأن الأصل في الزوجة الإباحة إلا إذا وجد نص يمنع، وحيث أن دم الاستحاضة لا تمتنع فيه المرأة من الصلاة فهو إذن ليس مثل دم الحيض الذي تحرم فيه العبادات ونحوها.
واستدلوا أيضا بأن أم حبيبة كانت تحت طلحة و حمنة كانت تحت عبد الرحمن بن عوف ولم ينقل أن أحدا منهم توقف عن وطء زوجته؛ لأن الأصل في الزوجة أنها تكون محلا للاستمتاع من قبل زوجها.
ولعل الأقرب من هذه الأقوال أنه مباح عند الضرورة والحاجة، وإذا قدر على إمساك نفسه أو التوقف إلى أن يخف الدم أو يقل- إذا كان هناك عادة يقل فيها- فهو الأفضل.
وقوله (ولا كفارة) يعني في وطء المستحاضة، لعدم الدليل؛ لأن الدليل الذي تقدم هو في الحيض، فلا تقاس عليه الاستحاضة للفارق، فإن هذا حيض، وهذه استحاضة.
وقد روي عن الإمام أحمد أنه يباح -أي وطء المستحاضة- بلا كراهية واستدل بحديث حمنة و أم حبيبة في كونهما كانتا زوجتين لاثنين من مشهوري الصحابة، وقد ولدت كل منهما له أولادا، فلم ينقل أنه توقف عن وطئها مدة استحاضتها، فدل هذا على أنه يباح بلا كراهة- كما سبق-.
والناس يختلفون في هذا، فبعضهم يستطيع أن يصبر عن الوطء الشهر ونحوه، وبعضهم لا يستطيع أن يصبر اليومين أو الأسبوع ونحوه.
فالحاصل أنه يباح وطء المستحاضة عند الحاجة- كما تقدم بيانه-.