اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
298499 مشاهدة print word pdf
line-top
المستحاضة المتحيرة

قوله: وإن لم يكن لها عادة، ولا تمييز، فهي متحيرة، أفتجلس من كل شهر ستا أو سبعة بتحر، حيث لا تمييز ثم تغتسل، وتصوم، وتصلي، بعد غسل المحل وتعصيبه، لحديث حمنة بنت جحش قالت: قلت يا رسول الله إني أستحاض حيضة شديدة فما ترى فيها؟ قال: أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم قالت: هو أكثر من ذلك. قال: فاتخذي ثوبا قالت: هو أكثر من ذلك. قال: فتلجمي قالت: إنما أثج ثجا.
فقال لها: سآمرك بأمرين أيهما فعلت فقد أجزأ عنك من الآخر، فإن قويت عليهما فأنت أعلم، فقال لها: إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام، أو سبعة في علم الله، ثم اغتسلي، حتى إذا رأيت أنك قد طهرت، واستنقأت، فصلي أربعا وعشرين، أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها وصومي فإن ذلك يجزئك. وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء، وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن الحديث رواه أحمد، وأبو داود ، والترمذي وصححه .


الشرح: هذه هي الحالة الثالثة من أحوال المستحاضة وهي المتحيرة والمتحيرة هي التي اختلط دم الحيض عندها بدم الاستحاضة، فأصبحت لا تميز هذا من هذا، بأن يكون كله لونا واحدا، أو أن يكون في يوم أحمر، وفي يوم أسود، أو في يوم كدرة، وفي يوم حمرة، فالمتحيرة هي التي لم يتميز دمها بأي شيء مميز.
ولما ذكرت حمنة بنت جحش - رضي الله عنها- للرسول -صلى الله عليه وسلم- أنها تستحاض حيضة شديدة طويلة كثيرة، ليس لها انقطاع، أشار عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن تتلجم بالقطن، فذكرت أنه لا يوقفه ولا ينشفه لكثرته، فأمرها ثانيا بأن تتخذ ثوبا تتلجم به، فذكرت أنه لا يوقفه أيضا .
فأمرها ثالثا بأن تتلجم بلجام قوي، فذكرت أيضا أن ذلك لا يوقفه وأنها تثج ثجا.
فأرشدها -صلى الله عليه وسلم- إلى أن تعمل أحد أمرين:
أولا : أن تفعل كفعل النساء، وهو أن تتحيض يعني تتوقف عن العبادة ستة أيام أو سبعة أيام، وهو عادة أغلب النساء، ثم تغتسل بعد ذهاب الستة الأيام أو السبعة، ثم تتحفظ وتصلي.
واختار لها -صلى الله عليه وسلم- ثانيا- أن تجمع بين الصلاتين جمعا صوريا وتغتسل لهما، فتقدم العصر وتؤخر الظهر وتغتسل لهما غسلا واحدا، وكذا تفعل بالعشاءين، وتغتسل للفجر، فإذا لم يتيسر لها ذلك اكتفت بالوضوء الذي فيه رفع للحدث.
فالحاصل أن المتحيرة هي التي لا تميز لها ولا عادة، فحكمها أن تجلس كعادة أغلب النساء: ستة أيام أو سبعة أيام تتوقف فيها عن العبادة، ثم تصلي وتصوم بعد ذلك، ويلزمها الوضوء لكل صلاة، وعليها بالغسل لكل صلاة إن قدرت على ذلك، فإن لم تقدر عليه وقدرت أن تجمع بين صلاتين بغسل واحد فلتجمع بينهما جمعا صوريا كما مضى، فإن شق عليها ذلك اكتفت بالوضوء.

line-bottom