إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شفاء العليل شرح منار السبيل
198545 مشاهدة
ما لا يؤكل من الطير والبهائم

قوله: [وما لا يؤكل من الطير والبهائم مما فوق الهر خلقة: نجس]
لحديث ابن عمر أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض وما ينوبه من السباع والدواب؟ فقال: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث وفي رواية لم ينجسه شيء .


الشرح: استدل الفقهاء بهذا الحديث- وهو حديث ابن عمر - على نجاسة السباع ؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- سئل قيل عن الماء ترده الطباع فتنجسه، فكيف يتطهر به؟ بين لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الماء الكثير لا يحمل الخبث، وفي الرواية الأخرى أن الماء الكثير لا ينجسه شيء، وخد الكثير بما إذا بلغ القلتين، فدل على أن ما دون القلتين فإنه يحمل الخبث ويتنجس.
ومعنى لم يحمل الخبث أي لا يظهر فيه الخبث، ولا يتأثر به، وقد فسر الخبث في الرواية الأخرى بالنجاسة.
فالحديث السابق يفيد بأن الماء إذا كان دون القلتين فإن السباع تنجسه، وتغير صفته، ولهذا فقد استدلوا بهذا الحديث على نجاسة السباع، والسباع يدخل فيها كل ما يعدو مما له ناب، ويفترس، ويأكل اللحوم، وقد يدخل فيها أيضا سباع الطير التي تعقر وتأكل اللحوم:
كالبازي، والنسر، والباشق، والعقاب، ونحوها، فقد ذهب الجمهور إلى أنها نجسة ومعنى نجاستها أنها إذا ذبحت لا تطهرها الذكاة.
ويدخل في النجاسة كذلك أبوالها، أرواثها، وريقها، وقيئها، وما أشبه ذلك؛ لأنها متولدة عن نجس، وهكذا فإن كل شيء رطب فيها فإنه نجس.
فيخرج الشيء الذي ليس برطب، ولا يلوث لامسه: كالريش والجلد ونحوه، فلأجل كونه يابسا لا تحصل به النجاسة.
إذا فالصحيح والمختار أن سباع الطير نجسة ؛ لأنها تتغذى غالبا على الجيف، والجيف نجسة، وما تغذى بالنجاسة فإنه يصير نجسا، وكل ما نتج عنها من رطوباتها فإنه نجس- كما سبق-.