إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
شفاء العليل شرح منار السبيل
223241 مشاهدة
اشتبه ماء طهور بنجس

قوله: [وإن اشتبه ما تجوز به الطهارة، بما لا تجوز به الطهارة لم يتحر ويتيمم بلا إراقة] ؛ لأنه اشتبه المباح بالمحظور، فيما لا تبيحه الضرورة، فلم يجز التحري، كما لو كان النجس بولا أو كثر عدد النجس، أو اشتبهت أخته بأجنبيات، قاله في الكافي .


الشرح: قوله (بما لا تجوز الطهارة به) هو الماء النجس والطاهر على تقسيمهم السابق للمياه، وأما على الرأي الصحيح فإن ما لا تجوز الطهارة به هو الماء النجس دون غيره، ولهذا فإنه إذا اشتبه طهور بنجس لم يجز استعماله أي منهما، لأنه لا يدري أيصيب الطهور أم لا، ولأن اجتناب النجاسة واجب، ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولا يجوز له التحري في هذا لأنه قد يخطئ في تحريه ذاك فيستعمل النجس في طهارته، ولهذا قالوا بأنه يدعهما على حالهما ويتيمم.
وذهب الشافعي إلى أنه يتحرى، وهذا هو الأقرب، لقوله -صلى الله عليه وسلم- في مسألة الشك في الصلاة فليتحر الصواب ثم ليبن عليه ولأنه إذا تعذر اليقين رجع الإنسان إلى غلبة الظن.
وصورة المسألة: إنسان عنده إناءان من الماء: أحدهما طهور والآخر نجس، فشك أيهما الطهور، فإنه يتحرى أيهما الطهور ويستعمله، فإن لم يستطع فإنه لا يستعملهما بل يجتنبهما ويتيمم لصلاته؛ لأنه غير قادر على استعماله الماء لاشتباه الطهور بالنجس، فيشمله قوله تعالى فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا .
وأما قوله المؤلف (ويتيمم بلا إراقة) فهو رد على من اشترط إراقة الماء الطهور والنجس للتيمم ليكون عادما للماء حقيقة، وهذا قول في المذهب والصواب أنه لا يشترط ذلك لأنه عاجز عن استعمال الماء.