إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شفاء العليل شرح منار السبيل
192046 مشاهدة
شرب دواء مباح يمنع الشاب الأعزب الجماع

قوله: أو يجوز للرجل شرب دواء مباح يمنع الجماع ؛ لأنه حق له.


الشرح: قد يحتاج الشاب إذا لم يكن متزوجا ما يكسر حدة الشهوة عنده، وقد أرشده النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الصوم فقال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء لكن قد لا يخفف الصوم من حدة الشهوة عند بعض الناس، فلأجل ذلك قد يحتاج إلى شرب دواء لتخفيف الشهوة، أو لتقليلها حتى لا يقع في الزنا، أو التطلع إلى العورات، أو ما أشبه ذلك، فيجوز له أن يتعاطى دواء لمنع الجماع، أو لتخفيف حدة شهوته التي قد يتضرر بها؛ لأن ذلك حق له.
فإذا لم يذهب ذلك إلا بالوطء فإن بعض الشباب يلجأ إلى الاستمناء، المسمى بالعادة السرية، والجمهور عل أن ذلك محرم وداخل في النهي لقوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ .
وأجاز ذلك الإمام أحمد في رواية عنه لمن يخاف على نفسه الوقوع في الزنا؛ لأن بعض الشر أهون من بعض، ولأن ارتكاب أدنى المفسدتين أولى من ارتكاب أعلاهما، وسيأتي حكم المسألة في كتاب النكاح- إن شاء الله- .
وعلى كل حال: هناك علاجات وأدوية مذكورة في كتب الطب القديمة تخفف من حدة الشهوة، وقد ذكر كثيرا منها ابن القيم في عدة الصابرين وتبعه زميله ابن مفلح في الآداب الشرعية .
فإذا وجدت أدوية حديثة فيها نوع من التأثير في تخفيف الشهوة فلا بأس من استعمالها بعد أن يتحقق أنه لا ضرر فيها.
وأما قطع الجماع كليا فالصحيح أنه لا يجوز، ولأجل ذلك لم يأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لبعض الصحابة في الاختصاء؛ لأن فيه قطعا للشهوة كليا، فقد ثبت عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: رد النبي -صلى الله عليه وسلم- على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا .
والتبتل هو الانقطاع عن الزواج، وعن الشهوة.
وعلى هذا لا يجوز للإنسان أن يقول: أنا سأتفرغ للعبادة، أو للعلم، وأنقطع عن الزواج وأتبتل؛ لأن هذا لم يأت به الشرع، والله تعالى قد أباح النكاح لأجل مصالح عديدة ليس هذا موضعها.