تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شفاء العليل شرح منار السبيل
223157 مشاهدة
مما يحرم بالحيض الطواف

قوله: [والطواف] لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة لما حاضت: افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري متفق عليه


الشرح: الطواف بالبيت عبادة مستقلة، وركن من أركان الحج والعمرة، وقربة من أفضل القربات، ولذلك اشترط له شروط خاصة كما سيأتي في الحج إن شاء الله تعالى، ومن تلك الشروط الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، ومن النجاسات العينية، وقد دل على هذا الشرط قول الله تعالى: وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وقوله تعالى: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ فيدخل في تطهيره طهارة من يطوف به كمن يصلى فيه، وذلك من احترام هذا البيت العتيق وتفضيله، ومعرفة مكانته في النفوس، كما أمر بتطهير جميع المساجد من الأقذار والأوساخ وأنواع الأذى الظاهرة.
وكما دل على اشتراط الطهارة منع الحائض من الطواف بالبيت كما في الحديث الذي ذكره الشارح، وهو من أصرح الأدلة على هذا الاشتراط، فذا منعت الحائض من الطواف مع أن المدة فيه قد تطول، فمنع الجنب والمحدث بطريق الأولى، وليس هناك سبب سوى الحدث الذي ينافي الطهارة، وهذا قد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى جواز طواف الحائض بالبيت للضرورة، وذلك أنها في زمانه فد تتضرر بالتأخر عن القافلة، ويصير محرمها معها عرضة للسلب والنهب، لكثرة قطاع الطريق، ولو رجعت بدون طواف الزيارة لبقيت سنة وهي على إحرامها بعد التحلل الأول، ولو رجعت في السنة الثانية مع القافلة لم تأمن أن تحيض كما في المرة الأولى، وهذه من الضرورة التي تبيح لها الطواف مع الحيض، وقد أطال في ذلك كما في الجزء الحادي والعشرين من مجموع الفتاوى وقد ذكر أيضا خلافا في اشتراط الطهارة للطواف، ولم يصح عنده حديث الطواف بالبيت صلاة حيث صحح أنه موقوف على ابن عباس ومن رفعه فقد غلط، والحديث قد رواه الدارمي و الشافعي و الترمذي و ابن خزيمة وغيرهم وتكلم عليه الزيلعي في نصب الراية في باب الإحرام، والحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير في باب نواقض الوضوء، ورجح رواية الرفع التي عند أحمد و النسائي ويؤيد الاشتراط منع عائشة وصفية من الطواف بالبيت لعذر الحيض كما في الصحيحين وغيرهما.