إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شفاء العليل شرح منار السبيل
198638 مشاهدة
ترجمة مؤلف (منار السبيل) الشيخ ابن ضويان -رحمه الله-

هو العالم الجليل والفرضي الشهير المؤرخ الورع الزاهد الشيخ إبراهيم بن محمد بن سالم آل ضويان من آل زهير، تنحدر من قبيلة بني صخر من قحطان
وُلِدَ هذا العالم الجليل بمدينة الرس من أعمال القصيم سنة (1275 هـ)، ونشأ نشأة حسنة، وقرأ القرآن وحفظه عن ظهر قلب، وشرع في طلب العلم بهمة عالية ونشاط ومثابرة.
ومن أبرز مشايخه: الشيخ صالح القرناس فقد لازمه زمنا طويلا، وكان يستنيبه على قضاء الرس حينما تولى الشيخ صالح على قضاء بريدة و عنيزة فقام عنه بالنيابة في الرس وسُدد في أقضيته فكان مثالا في العدالة والنزاهة، ورحل إلى عنيزة ولازم علماءها زمنا، ثم صار يرتادها بعدُ إلى آخر حياته.
ومن أشهر مشايخه: العلامة الشيخ علي بن محمد الراشد و عبد العزيز بن محمد بن مانع وهما من قضاة عنيزة وذلك سنة 1298 هـ، وفي سنة 1303 هـ توفي شيخه علي، فرثاه بلامية تبلغ اثني عشر بيتا، ولازم عبد العزيز المانع حتى مات عام 1307 هـ فرثاه بمرثية يائية قوية.
وبعد وفاة ابن مانع رحل إلى بريدة فقرأ على علمائها، ومن أشهر مشايخه محمد العبد الله بن سليم فقد لازمه زمنا، كما قرأ على علي السالم الجليدان بعنيزة وجه سنة، وكان يحضر حلقات الجد صالح العثمان القاضي كلها إذا كان بعنيزة ويستشكل في حلقة القراءة ويسترشد منه، وكان من خواصه، وكثيرا ما يستضيفه -رحمهما الله- فيعتبره أحد مشائخه، وجدَّ في الطلب حتى أدرك في الفقه والتوحيد والفرائض والحديث إدراكا تاما أهَّله للقضاء والفُتيا، وله اليد الطولى في الأدب والتاريخ ومرجع في الأنساب، وله إلمام في بقية العلوم كالعربية والتفسير، وله مخطوطات كثيرة جدا، وكان قليل ذات اليد، وكانت الكتابة مهنة له يتعيش منها، ومعظم كتب الفقه والوعظ تجدها بقلمه الحسن الواضح النيِّر.
جلس للطلبة في الرس فالتف إلى حلقته عدد كثير، ومن أبرزهم الشيخ عبد العزيز بن رشيد رئيس هيئة التمييز بالرياض والشيخ صالح الجارد والشيخ محمد بن عبد العزيز بن رشيد قاضي رنيه و الرس و الخرمة وابنه الشيخ عبد الله البراهيم الضويان و منصور الضلعان في آخرين، ولقد خط المصحف كما حدثني الشيخ صالح الجارد اثنتي عشرة مرة، وخط شرح الزاد أربع نسخ، وخط شرحه (منار السبيل) نسختين إحداهما فيها ضرب بكثير وهي الأولى، أخذها مني مدير المعارف الشيخ محمد العبد العزيز بن مانع حينما زارنا بعنيزة وذلك عام 73 هـ وطبع الكتاب عليها؛ لأنها مصححة ومنقحة، وخط التبصرة نسختين، وزاد المعاد، ونونية ابن القيم مرارا، وتاريخه، وشرح المنتهى، والكافي نسختين، إحداهما في مخطوطات شيخنا عبد الرحمن السعدي والأخرى عند محمد بن رشيد قاضي رنيه وفيها خروم، وخط فتح المجيد، والجلالين، والاختيارات، فهذا مما أشرفت عليه ومما حدثني عنه من أثق به، وبالجملة فهو الأول من الخطاطين في القصيم الذين أفنوا أعمارهم في الكتابة.
كان مستقيم الديانة ومن قوام الليل وصوام النهار، وآية في التواضع وحسن الخلق، مرحا للجليس لا يعرف الغضب في وجهه، زاهدا في الدنيا راغبا فيما عند الله من الأجر والثواب، يحب إصلاح ذات البين ولو بأن يغرم من ماله مع قلة ذات يده، وعزيز النفس حازما في كل شؤونه، وقام بتأليف شرح على دليل الطالب جمع فيه بين المسائل بدلائلها، فهو يفوق التغلبي من حيث إيراده الأدلة، وإن كان التغلبي يفوقه بأشياء كثيرة لا تخفى على من قرأها.
وله كتاب سمَّاه: (رفع النقاب عن تراجم الأصحاب) ويوجد الأول منه والثاني في بعض مكتبات الخارج، ويقول الأستاذ عبد الله بن محمد بن رشيد إنه من مخطوطاتنا، وقد ترجم لعلماء الحنابلة ابتدأ التراجم من الإمام أحمد بن حنبل
وله حاشية على مخطوطته (شرح الزاد) أكثر فيها النقول عن مشائخه وعن الأصحاب، وله رسالة في تاريخ نجد وما جرى فيها من حوادث، ابتدأ الرسالة من عام 750 هـ إلى سنة 1319 هـ كرؤوس الأقلام، وكراستين في أنساب نجد وعنده خزانة ملأى بالمخطوطات النفيسة جمعها من علماء القصيم وبعضها بقلمه، وكان يقرض الشعر بمهارة تامة، فرثى مشايخه علي المحمد و عبد العزيز المانع والجد صالح العثمان القاضي بمراث قوية، وفي سنة 1350 هـ فقد بصره، فصبر واحتسب الأجر، ولم تزل الأمراض تنتابه من فقدان بصره إلى وفاته، ففي ليلة عيد الفطر من سنة 1353 هـ توفاه الله فجأة بسكتة قلبية، فصُلي عليه بعد صلاة العيد، وخرج الناس مع جنازته وحزنوا لفقده لما له من مكانة مرموقة بينهم، ولما كان يتمتع به من أخلاق خلدت ذكراه، وخلف ابنيه عبد الله و محمد البراهيم فأما عبد الله فتوفي سنة 1358 هـ، وهو ساجد بسكتة قلبية كأبيه، وأما محمد فتوفي في الرس وقد انتصب إماما بالمسجد المعروف بالرس باسم مسجد الضويان إلى وفاته، فرحمة الله عليهم أجمعين.