إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شفاء العليل شرح منار السبيل
196157 مشاهدة
اللبث في المسجد

قوله: أو [واللبث في المسجد] لقوله -صلى الله عليه وسلم- لا أحل المسجد لجنب، ولا حائض رواه أبو داود .
[وكذا المرور فيه إن خافت تلويثه] فإن أمنت تلويثه لم يحرم، لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة ناوليني الخمرة من المسجد فقالت: إني حائض فقال: إن حيضتك ليست في يدك رواه الجماعة، إلا البخاري .


الشرح: وهذا- أيضا - مما يحرم على الحائض فعله، وهو لبثها في المسجد، واللبث هو أن تمكث في المسجد، سواء لحاجة أم لغير حاجة، وذلك لملابستها للنجاسة المستمرة معها بخروج دم الحيض، والمساجد مما أمر الله بتطهيرها عن النجاسات لأنها محل لعبادته تعالى ، قال سبحانه: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ .
ودليل هذه المسألة قوله كله في الحديث الذي ذكره الشارح، ونصه عن عائشة قالت: جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، ثم دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن ينزل فيهم رخصة، فخرج إليهم بعد فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب فهذا الحديث يدل على عدم جواز لبث الحائض في المسجد وهو وإن ضعفه بعض العلماء فقد صححه آخرون كابن خزيمة و الشوكاني ومما يشهد لهذا قوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة لما حاضت في حجة الوداع افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت لأن الطواف يلزم منه دخول المسجد. وهكذا يشهد له أمره -صلى الله عليه وسلم- للحيض أن يخرجن مع الناس يوم العيد ليشهدن الخير ودعوة المسلمين مع اعتزالهن المصلى .
ومما يحرم على الحائض- أيضا - مرورها في المسجد إذا خافت تلويثه بدم الحيض، أما إذا أمنت من ذلك بأن كانت متحفظة، فلا بأس من المرور فيه إذا احتاجت لذلك للحديث الذي ذكره الشارح عن عائشة - رضي الله عنها- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لها: ناوليني الخمرة من المسجد فقالت: إني حائض. فقال -صلى الله عليه وسلم- إن حيضتك ليست في يدك وعن ميمونة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل على إحدانا وهي حائض فيضع رأسه في حجرها فيقرأ القرآن وهي حائض، فتقوم إحدانا بخمرته فتضعها في المسجد وهي حائض رواه أحمد ففي هذين الحديثين دليل على جواز دخول المرأة الحائض المسجد ومرورها فيه لحاجة تعرض لها إذا أمنت تلويثه. أما المكث فيه والجلوس فلا- كما سبق بيانه-.
ومما يشهد لهذا- أيضا - قول عائشة - رضي الله عنها- إني حائض فكأنه قد كان متقررا عندهم أن الحائض لا يجوز لها أن تدخل المسجد، فبين لها -صلى الله عليه وسلم- أن النهي خاص بالمكث فيه، لا بالمرور أو الدخول لحاجة.