شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
314854 مشاهدة print word pdf
line-top
الماء الطهور المكروه استعماله ومنه الماء المتغير بشيء طاهر لا يمازجه

قوله: [ أو بما لا يمازجه، كتغيره بالعود القماري، وقطع الكافور والدهن] على اختلاف أنواعه؛ لأنه تغير عن مجاوره لأنه لا يمازح الماء، وكراهته خروجا من الخلاف قال في الشرح: وفي معناه ما تغير بالقطران والزفت والشمع؛ لأن فيه دهنية يتغير بها الماء .


الشرح: أي يكره استعمال الماء في الطهارة إذا تغير بشيء طاهر لا يمازجه كما إذا تغير بقطع من الكافور، أو العود القماري، أو الدهن بأنواعه، فهذه الأشياء لا تمازج الماء، أي لا تخالطه وتذوب فيه، بل تغييرها له يكون عن مجاورة لا عن ممازجة، وكراهية هذا الماء لأجل الخلاف في سلبه الطهورية؛ لأن بعض العلماء قد ذهب إلى أنه طاهر غير مطهر، وقد علمنا أن التعليل بالخلاف لا يصح.
وقوله (قماري)- بفتح القاف- صفة لعود، وهي نسبة إلى بلدة بالهند تسمى (قمار)، وشجره يشبه شجر الخوخ، وقد جاء في الحديث الصحيح عليكم بالعود الهندي .
قال ابن القيم (العود نوعان: أحدهما يستعمل في الأدوية وهو الكست ويقال له القسط، والثاني يستعمل في الطيب ويقال له: الألوة، وهو أنواع: أجودها الهندي، ثم الصيني، ثم القماري ..) .
وأما الكافور فهو طيب معروف يستخرج من شجر كبار من جبال بحر الهند والصين وغيرهما، وهو أبيض شفاف قليل الذوبان في الماء.
وقوله: (والدهن على اختلاف أنواعه) أي سواء كان دهن الحيوانات أو دهن الأشجار، فهذا الدهن إذا صب في الماء لم يختلط به، بل يطفو في أعلاه، فيمكن تخليصه من الماء بواسطة نزحه منه، فيبقى الماء بعده صافيا.
والقطران- بفتح القاف وكسر الطاء- عصارة الأبهل والأرز ونحوهما فيتحلل منه، والمراد ما لا يمازج منه، وأما الذي يمازج فإنه يسلب الماء طهوريته.
وقوله: الزفت- بكسر الزاي- هو القار المعروف.
فالحاصل أن الماء إذا تغير بهذه الأشياء السابقة التي لا تمازجه فإنه يكره استعماله في الطهارة- على رأي المؤلف- لأجل الخلاف في سلب تلكم الأشياء لطهوريته، ولكن الصحيح- كما سبق- أنه لا يكره استعماله لعدم وجود دليل على ذلك، بل الماء باق على طهوريته، ويجوز استعماله في الطهارة، والخلاف إذا كان مخالفا لسنة صحيحة فإنه لا يستحب الخروج منه.

line-bottom