إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
267918 مشاهدة print word pdf
line-top
الاغتسال في الحمام

قوله: [وفي الحمام إن أمن الوقوع في المحرم] نص عليه. لما روي عن ابن عباس أنه دخل حماما كان بالجحفة. وعن أبي ذر نعم البيت الحمام يذهب الدرن، ويذكر بالنار.
[فإن خيف كره] خشية المحظور. وروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن علي و ابن عمر - رضي الله عنهما- بئس البيت الحمام يبدي العورة، ويذهب الحياء .
[وإن غيم حرم] لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.


الشرح: الحمام هو البيت الذي يكون في جوف الأرض، وفيه ماء حار، وهو يكثر في البلاد الباردة كالشام ونحوه، وكان في الزمن الأول يكون مظلما، جث لا يوجد فيه هواء، توقد معه السرج، فيبقى شديد الظلمة، فكانوا يكشفون فيه العورات، وكثيرا ما يجتمع فيه العراة، فلذلك كرهه كثير من السلف؛ لأن كشف العورة أمام الناس حرام، وكذا النظر إلى عورات غيره، وهذا هو المحرم الذي ذكره صاحب المتن، أي أنه يباح الاغتسال في الحمام إذا أمن الوقوع في فاحشة الزنا واللواط، فإذا أمن من مثل هذه المحرمات جاز دخوله، لما فيه من إزالة الأوساخ، وتنشيط البدن، والخدمة الحسنة، فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس أنه دخل حمام الجحفة، أي التي هي ميقات أهل الشام، وكأن هذا الحمام عمله أهل الشام لأنهم اعتادوا الحمامات للاغتسال في بلادهم، فعملوا هذا الحمام في ميقاتهم للإحرام، وقد زال أثره الآن، وأقيم في الميقات مراحيض ودورات مياه نظيفة لمن أراد الإحرام منها.
وروى ابن أبي شيبة أيضا عن أبي الدرداء أنه كان يدخل الحمام ويقول: نعم البيت الحمام، يذهب الضبية- يعني الوسخ- ويذكر بالنار، ثم روى عن أبي هريرة نحوه.
وروى قبل ذلك بباب عن الحسن و ابن سيرين أنهما كانا يكرهان دخول الحمام، وعن ابن عمر قال: لا تدخل الحمام فإنه مما أحدثوا من النعيم، وعن علي قال: بئس البيت الحمام.
وروى عبد الرزاق عن ابن عمر أنه كان لا يدخل الحمام ولا يطلي، ثم روى عنه وقيل له: مالك لا تدخل الحمام؟ فقال: إني أكره أن أرى عورة غيري.
وفي الباب آثار عن الصحابة وغيرهم.
أما إن علم أنه يقع لا المحرم كالفواحش، فلا يجوز دخوله، بل يحرم عليه الدخول الذي هو وسيلة إلى النظر إلى العورات، أو لمس ما لا يحل له، والوسائل لها أحكام المقاصد.
ثم إن اسم الحمام في هذه الأزمنة قد غلب على دورات المياه التي هي داخل البيوت، فصار الناس لا يعرفون اسم الحمام إلا هذه الدورات، واسمها في الأصل الكنف، والمراحيض، وبيوت الخلاء، لكن غلب عليها اسم الحمامات وأنه يقتحم فيها، أي يغتسل فيها، ويوجد بها السخانات الكهربائية، فتغني عن الحمامات القديمة.

line-bottom