اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
260574 مشاهدة print word pdf
line-top
حكم السواك

قوله: [وهو مسنون مطلقا] لقوله -صلى الله عليه وسلم- السواك مطهرة للفم مرضاة للرب رواه أحمد قال في الشرح: ولا نعلم في استحبابه خلافا، ولا نعلم أحدا قال بوجوبه إلا إسحاق وداود .
[ إلا بعد الزوال للصائم فيكره] لحديث علي مرفوعا إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي أخرجه البيهقي .
ولأنه يزيل خلوف فم الصائم، وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك؛ لأنه أثر عبادة مستطاب، فلم تستحب إزالته كدم الشهداء.


الشرح: السواك مسنون في كل وقت للحديث السابق السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ويتأكد في بعض الأحيان- كما سيأتي إن شاء الله- فالسواك ليس بواجب كما ذهب إليه إسحاق و داود ؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- قال : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة أي لأمرتهم أمر إيجاب لأن المشقة تكون به، فلما لم يأمرهم بذلك دل هذا على سنية السواك لا على وجوبه.
وقوله: (إلا بعد الزوال للصائم فيكره) الزوال يكون إذا مالت الشمس إلى جهة الغروب بعد توسطها في السماء، وقد ذهب إلى كراهية الاستياك بعد الزوال للصائم عطاء بن أبي رباح تلميذ ابن عباس - رضي الله عنه- وتبعه على هذا كثير من العلماء، واستدلوا بالحديث السابق استاكوا بالغداة ... وقالوا بأن الاستياك بعد الزوال يزيل خلوف فم الصائم، وهو أطيب من ريح المسك عند الله، والغالب في الخلوف أنه لا يظهر إلا في آخر النهار.
قالوا: والخلوف ناشئ عن طاعة الله فلا ينبغي إزالته، لأنه كدم الشهيد في المعركة لا يزالا عنه لأنه أثر عبادة، حتى يأتي يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك.
والصواب أنه يجوز للصائم أن يستاك بعد الزوال لعموم الأدلة الدالة على سنية السواك، كحديث عائشة السابق السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ولقول عامر بن ربيعة - رضي الله عنه- رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لا أحصي يتسوك وهو صائم .
وأما الحديث الذي استدلوا به وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- استاكوا بالغداة... فهو حديث ضعيف.
وأما قولهم بأن التسوك فيه إزالة لخلوف فم الصائم وهذا لا يستحب لأنه أثر عبادة، فيقال عنه:
أولا: أن تعليلكم هذا يقابل النصوص الصحيحة الصريحة في سنية السواك للصائم ولغيره، فهو تعليل في مقابل النص.
ثانيا: أن ربط الحكم بالزوال منتقض؛ لأن رائحة الفم وهي الخلوف قد تحصل للصائم قبل الزوال؛ لأن منشأها خلو المعدة من الطعام، فلو لم يتسحر الصائم في الليل فإن معدته ستخلو مبكرة، أي قبل الزوال تقريبا.
ثالثا: أن بعض الناس قد لا توجد عنده هذه الرائحة للفم وهي الخلوف في صومه، إما لصفاء معدته، أو أنها لا تهضم بسرعة، فتكون هذه العلة منتقضة، وإذا انتقضت العلة انتقض المعلول؛ لأن العلة أصل والمعلول فرع.
رابعا: أما قياسكم ذلك على دم الشهيد فنقول بأننا قد أمرنا بأن نبقي دم الشهيد عليه؛ لأنه سيبعث يوم القيامة وجرحه يثعب لونه لون الدم وريحه ريح المسك، فلا ينبغي لنا أن نزيل هذا الشيء الذي سيوجد يوم القيامة وسيكون كرامة لهذا الشهيد كما أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أما الخلوف فلم يأت فيه إلا أنه أطيب عند الله من ريح المسك.
خامسا: نقول أيضا أن السواك لا يزيل رائحة الخلوف- كما هو الواقع- لأن سبب الخلوف- كما سبق- هو خلو المعدة من الطعام، وليس سببه ما يحصل للفم من الوسخ ونحوه مما يزيله السواك.

line-bottom