إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
268508 مشاهدة print word pdf
line-top
سنن الفطرة

قوله: [فصل: يسن حلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظافر ] لحديث أبي هريرة مرفوعا الفطرة خمس الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط متفق عليه .


الشرح: هذا الفصل عقده المؤلف لبيان سنن الفطرة- كما سيأتي- وقد سميت هذه السنن بهذا الاسم؛ لأن الله فطر كل ذي عقل على استحسانها، أو أنها مستحسنة شرعة وطبعا، فلو لم يأت الشرع بها لكانت العقول تشهد بملاءمتها للإنسان.
وقيل: المراد بالفطرة السنة، وهي مستحسنة، ومستقبح ضدها، فمن تركها فإنه سيتقبح وتنفر منه الطباع وتستوحش من رؤيته، وعدد هذه السنن كما جاءوا حديث أبي هريرة الذي ذكره الشارح- خمس.
وهي:
أولا: حلق العانة، وهو ما يسمى بالاستحداد، لاستعماله آلة الحديد فيه، وهي الموسى وغيرها، والعانة هي منبت الشعر فوق قبل المرأة وذكر الرجل، فيسن لهما جميعا حلق هذا الشعر وإزالته لئلا يتأذى الإنسان برائحته، وذهب بعض العلماء إلى أنه يستحب نتفه لا حلقه لأن الحلق يكثر الشعر، وقال، آخرون: بل يحلقه لأن النتف يرخي المحل والحلق يشده، والصواب أن له إزالتها بما شاء؛ لأن بعض الناس قد يشق عليه نتف الشعر ويسهل عليه حلقه، أو إزالته بالنورة، فله ذلك.
ثانيا: نتف الإبط، وهو باطن المنكب، فيسن للإنسان- أيضا- إزالة شعره لئلا يكون مصدرا للرائحة الكريهة، وله ذلك بما يسهل عليه من الحلق أو النتف- كما سبق-.
ثالثا: تقليم الأظافر، فيسن هذا للإنسان للحديث السابق، وهذا يشمل أظافر اليدين والرجلين، وقد استحب بعض العلماء المخالفة في تقليمها، وقالوا: (من قص أظافره مخالفا لم ير في عينيه رمدا) وصفة المخالفة أن يبدأ بخنصر اليمنى، ثم الوسطى، تم الإبهام، ثم البنصر، ثم السبابة، ثم إبهام اليسرى، ثم الوسطى، ثم الخنصر، ثم السبابة، ثم البنصر.
ولكن هذه الصفة ليس عليها دليل من الكتاب والسنة، وأما الأثر السابق فضعيف جدا، ولهذا قال ابن دقيق العيد (ما اشتهر من قصها على وجه مخصوص لا أصل له في الشريعة، ولا يجوز اعتماد استحبابه؛ لأن الاستحباب أمر شرعي لا بد له من دليل) فالصواب أنه يقلم أظافره على أي صفة كانت.

line-bottom