الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
شفاء العليل شرح منار السبيل
217626 مشاهدة
البدء بالمضمضة والاستنشاق

قوله: [والبداءة قبل غسل الوجه بالمضمضة والاستنشاق] لحديث عثمان المتقدم أو المبالغة فيهما لغير الصائم، لقوله -صلى الله عليه وسلم- للقيط بن صبرة أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما رواه الخمسة، وصححه الترمذي .


الشرح: المضمضة والاستنشاق من واجبات الوضوء - كما سبق- لأنهما من جملة الوجه، فهما وإياه كعضو واحد؛ ولهذا لا حرج عليه لو قدمهما على غسل الوجه، أو قدم غسل الوجه عليهما، والسنة أن يبدأ بهما قبل غسل الوجه لحديث عثمان - رضي الله عنه- (فغسل يديه ثلاثا ثم غرف بيمينه ثم رفعها إلى فيه فمضمض واستنشق بكف واحد)، وإن شاء جعل المضمضة والاستنشاق من غرفة فهو أفضل، لحديث علي أنه توضأ فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا بكف واحد وقال: هذا وضوء نبيكم -صلى الله عليه وسلم- رواه أحمد .
وإن شاء من ثلاث، لحديث علي أيضا أنه مضمض واستنشق ثلاثا بثلاث غرفات .
ولم يذكر المؤلف الاستنثار، وهو سنة؛ لأن الغالب أن الإنسان إذا استنشق الماء أنه يستنثره، وقد ذكر في حديث عبد الله بن زيد - السابق- أنه تمضمض واستنشق واستنثر... .
ومن السنن أن يبالغ المتوضئ في المضمضة والاستنشاق إذا لم يكن صائما، لحديث لقيط بن صبرة السابق، والمبالغة في المضمضة أن يحرك الماء بقوة في فمه، ويجعله يصل إلى جميع الفم، والمبالغة في الاستنشاق أن يجذب الماء بنفس قوي، والمبالغة مكروهة للصائم؛ لأنها قد تؤدي إلى ابتلاع الماء ونزوله من الأنف إلى المعدة.