إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
298761 مشاهدة print word pdf
line-top
أن يكون مباحا

قوله: [وإباحتهما] فلا يجوز المسح على المغصوب ونحوه، ولا الحرير لرجل؛ لأن لبسه معصية، فلا تستباح به الرخصة.


الشرح: هذا هو الشرط الخامس من شروط المسح على الخفين وهو: إباحتهما، فإذا كان الخف أو الجورب مغصوبا، أو كان محرما صح: كالحرير على الرجل، فإنه لا يمسح عليه.
فالذي اغتصب خفا مثلا وأراد المسح عليه، نقول له: حرام عليك لبسه، وحرام عليك استعماله، فكيف تستعمله في عبادة؟ وكيف تستعمل فيها الرخصة؟ وكذلك الذي لبس خفا أو جوربا من حرير، نقول له: حرام عليك لبسه؛ لأنه محرم على الرجال، ومادام كذلك فحرام عليك أن تستعمله في رخص الشرع.
أما إذا كان الخف مباحا حلالا، ومن كسب طيب، فإن المسح عليه أفضل- كما تقدم- ويدخل هذا في عموم قوله -صلى الله عليه وسلم- إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته .
كذلك لا يمسح على الخفين في السفر إذا كان سفر معصية إلا يوما وليلة كالمقيم، وذلك لأن الرخص الشرعية إنما تستباح لأهل الطاعة، فلا ترخص لأهل المعصية أن يتوسعوا برخص الله تعالى في معصيتهم.
ويستدل العلماء على أنه لا تستباح الرخص، كالمسح على الخفين في سفر المعصية بقوله تعالى في أكل الميتة: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فقد أباح الله أكل الميتة لمن لم يبغ أو يتعدى، كقاطع الطريق، ونحوه.
فدل هذا على أن الرخص لا تباح إلا لمن لم يكن عاصيا.
هكذا استدلوا.
قد يقال: المسافر سفر معصية إذا اضطر لأكل الميتة.... ألا يأكل منها؟
فنقول: إذا أكل فإن أكله لا يكون حلالا كغيره ممن سافر سفرا مباحا، بل يكون أكله محرما، وهو قد جمع بين محرمين: سفر المعصية، والأكل المحرم.
وعلى كل، فأكله خير من موته.
والمقصود بسفر المعصية: السفر الذي ينشئه الإنسان لأجل المعصية، كأن يسافر لأجل الزنا، أو لأجل السرقة، أو لأجل قطع الطريق، أو لأجل زيارة قبور الأولياء، والعكوف عندها، ونحو ذلك.
أما إذا سافر قاصدا السفر المباح، ثم عمل معصية، فهذا لا يقال عنه: سفر معصية، بل يقال: سفر فيه معصية.
ويرى شيخ الإسلام أن رخص السفر عامة تباح له، وأنه لا تنافي بين كون المسافر يأثم من جهة، ويباح له هذا الأمر- وهو الترخص- من جهة أخرى؛ لأن المسافر قد يتعبد وإن كان عاصيا .
قد تقول: وهل العاصي في سفره سيفكر بالطاعات.. فضلا عن الرخص؟
نقول: هذا يكون كثيرا، حيث يجمع المسافر بين معصية وطاعة.
ومن ذلك أن بعض المشايخ ذكر لي أن جماعة من قطاع الطرق من البوادي ويسمون (الحنشل) سلبوهم وهم حجاج، وأخذوا أمتعتهم وأموالهم، فلما دخل وقت الصلاة صلوها في وقتها، فقال لهم أحد المشايخ: كيف تسلبونا متاعنا ونحن حجاج، ثم تقيمون الصلاة؟
فقال له أحدهم: وهل تريد أن نجمع بين معصيتين: نترك الصلاة، ونسرقكم؟!!

line-bottom