تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
268154 مشاهدة print word pdf
line-top
الموت

قوله: [ السابع: الموت] لقوله -صلى الله عليه وسلم- إغسلنها وقال في المحرم: اغسلوه بماء وسدر وغيرهما.
[تعبدا] ؛ لأنه لو كان عن حدث لم يرتفع مع بقاء سببه، ولو كان عن نجاسة لم يطهر مع بقاء سببه.


الشرح: الموجب السابع والأخير من موجبات الغسل هو الموت فإذا مات المسلم فقد وجب على المسلمين غسله، والدليل على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- في المحرم الذي وقصته ناقته في الحج اغسلوه بماء وسدر والأصل في الأمر الوجوب، وقد أجمع المسلمون على أن الميت يغسل ولو كان نظيف البدن، فلو اغتسل إنسان وتنظف ثم مات بعد دقائق من غسله لوجب على المسلمين أن يغسلوه لموته ولا يكفيه غسله الأول عن غسله بعد الموت؛ لأن غسل الميت ليس المقصود منه تنظيفه فقط، بل هو من الأمور التعبدية، ولهذا قال المؤلف (تعبدا).
وقول الشارح (لأنه لو كان عن حدث لم يرتفع مع بقاء سببه... إلخ) أي أن غسل الميت لو كان لأجل أن الموت حدث من الأحداث، فإن هذا الحدث لن يرتفع بالغسل؛ لأن الموت مستمر معه، ولو كان الغسل لأجل أن الموت نجاسة حلت بالبدن لم يطهر الميت بالغسل؛ لأن الموت باقي معه: فعلم بهذا أن القصد الأول في غسله هو مما تعبدنا الله به.
والصغير إذا نفخت فيه الروح غسل وصلي عليه، وكفن، وأما إذا لم تنفخ فيه الروح فلا يغفل، والروح تنفخ إذا تم له أربعة أشهر، لحديث ابن مسعود - رضي الله عنه- إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد، وينفخ فيه الروح .
وأما شهيد المعركة فإنه لا يغسل- كما سيأتي في كتاب الجنائز- إن شاء الله- لأنه يأتي يوم القيامة وجرحه يثعب دما اللون لون الدم والريح ريح المسك .
فلهذا كان من شريعة الله أنه لا يزال هذا الدم عنهم لأنه أثر عبادته، أما إذا كان الشهيد جنبا فإنه يغسل لأجل الجنابة لا لأجل الموت، لقصة حنظلة - رضي الله عنه- .

line-bottom