من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
شفاء العليل شرح منار السبيل
223357 مشاهدة
شروط الغسل

قوله: [فصل: وشروط الغسل سبعة: 1- انقطاع ما يوجبه. 2- النية. 3- الإسلام. 4- العقل. 5- التمييز. 6- الماء الطهور المباح. 7- إزالة ما يمنع وصوله ].


الشرح: هذا الفصل عقده المؤلف لبيان شروط الغسل وهي كشروط الوضوء التي سبق ذكرها عند الحديث على الوضوء، فأربعة من هذه الشروط عامة في كل عبادة، وهي: النية والإسلام والعقل والتمييز، وثلاثة منها خاصة بالوضوء والغسل، وهي: انقطاع ما يوجبه، والماء الطهور المباح، وإزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة.
فأما انقطاع ما يوجب الغسل فهو ما سبب الاغتسال: كخروج المني بدفق ولذة، فما دام خروجه مستمرا فإن الغسل لا يجزئ، فإنه لو اغتسل لتجدد الحدث بالخروج، فلا يغتسل حتى يتوقف خروج المني، وكذلك المرأة لا تغتسل حتى ينقطع الحدث الذي هو دم الحيض أو النفاس، فإن خروجه موجب للاغتسال، فإذا اغتسلت وهو موجود عاد السبب، فلا تغتسل حتى يتوقف خروجه بالكلية.
وأما الماء الطهور المباح فقد مضى الكلام عليه عند شروط الوضوء، ومعنى هذا أن لا يغتسل المسلم إلا بماء طهور مباح، فلو اغتسل بماء نجس لم يصح غسله، وهكذا لو اغتسل بماء غير مباح كمسروق أو مغصوب، وقد عرفنا أن الراجح في مسألة الماء المغصوب أو المسروق أن الوضوء والغسل يصح به، ولكن المتوضئ أو المغتسل يأثم.
وأما (إزالة ما يمنع وصوله) أي وصول الماء إلى البشرة، فيزيل ما قد يوجد على بدنه من طين، أو عجين، أو نحو ذلك مما يمنع وصول الماء إلى البشرة؛ لأن تعميم البدن بالماء في الغسل واجب، ولكن يعفى من ذلك عن اليسير.